205

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

الناشر

دار صادر

مكان النشر

بيروت

لَهُ ثكلتك الثواكل يَا عقيل أتئن من حَدِيدَة أحماها إنسانها للعبه وتجرّني إِلَى نَار أضرمها جبارها لغضبه أتئن من الْأَذَى وَلَا أَخَاف من لظى وأعجب من هَذَا طَارق يطرقنا بملفوفة فِي وعائها ومعجونة كَمَا عجنت بريق حَيَّة أرياقها فَقلت أصلة أم زَكَاة وَصدقَة فَذَلِك محرم علينا أهل الْبَيْت قَالَ لَا ذَا وَلَا ذَاك وَلكنهَا هَدِيَّة فَقلت هبلتك الهبول أعن دين الله أتيتني لتتخدعني أمخبط أَنْت أم ذُو جنَّة أما وَالله لَو أَعْطَيْت الأقاليم السَّبْعَة بِمَا تَحت أفلاكها على أَن أعصي الله فِي نملة أسلبها خلب شعيرَة مَا فعلتها وَإِن دنياكم هَذِه لأهون عِنْد الله من ورقة فِي فَم جَرَادَة مَا لعليّ ونعيم يفنى وَلَذَّة لَا تبقى نَعُوذ بِاللَّه من سيئات الْعَمَل وقبح الزلل وَبِه نستعين وَأقرب أئمتي إِلَيْهِ إِمَام عصري بعد وَالِده أَمِير الْمُؤمنِينَ الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن عَليّ رضوَان الله عَلَيْهِم وهما جَمِيعًا مِمَّن علم الْخَاص وَالْعَام سلوكهما تِلْكَ الطَّرِيق وتمسكهما بذلك الْحَبل على التَّحْقِيق ورفضهما الدُّنْيَا بعد ملك الْمشرق وَالْمغْرب ورضاهما مِنْهَا بأدناها مَعَ نُفُوذ أَمرهمَا فِي الْعَرَب والعجم والبعد والقرب
(وَالشَّمْس إِن تخفى على ذِي مقلة ... نصف النَّهَار فَذَاك تَحْقِيق الْعَمى)
وَأما آبَائِي الَّذين أنتسب إِلَيْهِم فأدناهم أبي الَّذِي ولدني كَانَ وَالله كَمَا ورد فِي الحَدِيث النَّبَوِيّ يغْضب لمحارم الله كَمَا يغْضب الْجمل إِذا هيج لَا تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وكما قيل
(الْقَائِل الصدْق حَتَّى مَا يضرّ بِهِ ... وَالْوَاحد الْحَالَتَيْنِ السرّ والعلن)
ثمَّ أَخُوهُ عمي الَّذِي أدّبني كَانَ كَمَا قَالَ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ كرم الله وَجهه فِي صفة الْمُؤمن الْمُؤمن بشره فِي وَجهه وحزمه فِي قلبه أوسع شَيْء صَدرا وأذل شَيْء نفسا يكره الرّفْعَة ويشنأ السمعة طَوِيل غمه بعيد همه كثير صمته مَشْغُول وقته شكور صبور مغمور بفكرته ضنين بخلته سهل الخليقة لين العريكة نَفسه أصلد من الصلد وَهُوَ أذلّ من العَبْد ثمَّ أَبوهُمَا جدي الْمُسَمّى سلمَان أهل الْبَيْت الَّذِي لَا نعلم أَن إِمَامًا من الْأَئِمَّة مدح غَيره بذلك فَقَالَ الإِمَام شرف الدّين لوالده شمس الدّين بن أَمِير الْمُؤمنِينَ
(جَاءَكُم سلمَان بَيْتِي ... فاعرفن يَا شمس حَقه)
(ولرجواه فحقق ... وببشر فتلقه)
وَأَنا بِحَمْد الله لم أعرف غير سبيلهم وَلَا ربيت إِلَّا فِي جحورهم وَإِنِّي وَالنَّاس لَكمَا قَالَ عمر بن عبد الْعَزِيز رَحمَه الله تَعَالَى
(يَقُولُونَ لي فِيك انقباض وَإِنَّمَا
(رَأَوْا رجلا عَن موقف الذل أحجما)

1 / 206