خصائص النظم في «خصائص العربية» لابن جني
الناشر
دار الطباعة المحمدية القاهرة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٧ هـ - ١٩٨٧ م
مكان النشر
مصر
تصانيف
وقد تركز رد ابن جنى في أمرين:
أولهما: أن في قوله: (كل حاجة) تعريضًا، بالتلاقي، والتشاكي، والتخلي، أي طلب الخلوة بالحبيب، وهذا غرض الشاعر وقصده، ولكنه أومأ إليه إيماء، ثم صانع عنه، وغطاه بقوله: (ومسح بالأركان من هو ماسح).
والآخر: أن في قوله (بأطراف الأحاديث) وحيا خفيا، ورمزًا حلوًا، لأن المراد بأطراف الأحاديث: ما يتعاطاه المحبون ويتناوله ذوو الصبابة المتيمون، من التعريض، والتلويح، والإيماء، دون التصريح، لأن ذلك أحلى، وأدمث، وأغزل، وأنسب، من أن يكون مشافهة وكشفًا، ومصارحة وجهرًا.
فغرض الشاعر - كما نرى - كان مركزًا - كما يرى ابن جنى - على التعريض بمتطلبات قلبه من التلاقي، والتشاكي، والخلوة بمن يحب، ثم بما ناله في طريق أوبته من متعة الأخذ بأطراف الأحاديث، من التعريض، والتلويح، والإيماء بما يكون أحلى، وأدمث، وأغزل وأنسب.
غير أن عبد القاهر لم يجعل غرض الشاعر مركزًا على التعريض بمتطلبات قلبه، وإن لم يهمل تلك الناحية العاطفية في شرحه لتلك الأبيات، وذلك حيث يقول (١): "وإذا وجدت ذلك أمرًا بينًا، لا يعارضك فيه شك، ولا يملك معه امتراء، فانظر إلى الأشعار التي أثنوا عليها من جهة الألفاظ، ووصفوها بالسلاسة، ونسبوها إلى الدمائة، وقالوا: كأنها الماء جريانًا والهواء لطفا، والرياض حسنًا، وكأنها الرحيق مزاجها
_________
(١) أسرار البلاغة ٢٧
1 / 62