277

خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب

محقق

عبد السلام محمد هارون

الناشر

مكتبة الخانجي

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

مكان النشر

القاهرة

تشبيهه لَهُ بالضارب الرجل مَعَ أَنا نعلم أَن الْجَرّ فِي الرجل إِنَّمَا جَاءَهُ من تشبيههم إِيَّاه بالْحسنِ الْوَجْه لَكِن لما أطْرد الْجَرّ فِي الضَّارِب الرجل صَار كَأَنَّهُ أصل فِي بَابه حَتَّى دَعَا ذَاك سِيبَوَيْهٍ إِلَى أَن عَاد فَشبه الْحسن الْوَجْه بِهِ وَهَذَا يدلك على تمكن الْفُرُوع عِنْدهم حَتَّى أَن الْأُصُول الَّتِي أَعْطَتْ فروعها حكما قد حارت فاستعارت من فروعها ذَلِك الحكم فَكَذَلِك تصيير تَقْدِيم الْمَفْعُول لما اسْتمرّ وَكثر كَأَنَّهُ هُوَ الأَصْل وَتَأْخِير الْفَاعِل كَأَنَّهُ أَيْضا هُوَ الأَصْل ويؤكد أَن الْهَاء فِي ربه لعدي بن حَاتِم من جِهَة الْمَعْنى عَادَة الْعَرَب فِي الدُّعَاء لَا تكَاد تَقول جزى رب زيد عمرا وَإِنَّمَا يُقَال جَزَاك رَبك خيرا أَو شرا وَذَلِكَ أوفق لِأَنَّهُ إِذا كَانَ مجازيه ربه كَانَ أقدر على جَزَائِهِ وإيلامه وَلذَلِك جرى الْعرف بذلك فاعرفه انْتهى وَمُلَخَّص كَلَامه أَن الْمَفْعُول فِي هَذِه الصُّورَة مُتَقَدم فِي الرُّتْبَة لَكِن تَأَخّر لضَرُورَة الشّعْر فَالضَّمِير الْمُتَّصِل بالفاعل عَائِد على مُتَقَدم حكما وَهَذَا غير قَول الشَّارِح الْمُحَقق لشدَّة اقْتِضَاء الْفِعْل للْمَفْعُول بِهِ على أَن حفيد السعد قَالَ فِي حَاشِيَة المطول فِيهِ أَن ذَلِك لَا يدْفع الْإِضْمَار
قبل الذّكر نعم لَو كَانَ اقْتِضَاء الْمَفْعُول أَشد تمّ الْكَلَام انْتهى وَتبع التَّفْتَازَانِيّ فِي المطول الشَّارِح فِيمَا ذَكرْنَاهُ وَأورد بَيت الشَّاهِد وَقَوله
(لما عصى أَصْحَابه مصعبا ... أدّى إِلَيْهِ الْكَيْل صَاعا بِصَاع)
ثمَّ قَالَ ورد بِأَن الضَّمِير للمصدر الْمَدْلُول عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ أَي رب الْجَزَاء وَأَصْحَاب الْعِصْيَان كَقَوْلِه تَعَالَى ﴿اعدلوا هُوَ أقرب للتقوى﴾ أَي الْعدْل وَأما قَوْله

1 / 279