130

خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب

محقق

عبد السلام محمد هارون

الناشر

مكتبة الخانجي

رقم الإصدار

الرابعة

سنة النشر

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

مكان النشر

القاهرة

وَأَجَابُوا عَن الدَّلِيل الثَّانِي بِأَنَّهَا إِنَّمَا قلبت فِي حَال الْإِضَافَة إِلَى الْمُضمر لوَجْهَيْنِ: " أَحدهمَا ": أَنه لما كَانَ فيهمَا إِفْرَاد لَفْظِي وتثنية معنوية، وَكَانَا تَارَة يضافان إِلَى الْمظهر وَتارَة إِلَى الْمُضمر، جعلُوا لَهما حظًا من حَالَة الْإِفْرَاد وحظًا من حَالَة التَّثْنِيَة. وَإِنَّمَا جعلوهما مَعَ الْإِضَافَة إِلَى الْمظهر بِمَنْزِلَة الْمُفْرد لِأَن الْمُفْرد هُوَ الأَصْل؛ وجعلوهما مَعَ الْإِضَافَة إِلَى الْمُضمر بِمَنْزِلَة التَّثْنِيَة لِأَن الْمُضمر فرع والتثنية فرع، فَكَانَ الْفَرْع أولى بالفرع. و" الثَّانِي ": أَنه لم تقلب ألفهما مَعَ الْمظهر لِأَنَّهُمَا لزمتا الْإِضَافَة وجر الِاسْم بعدهمَا، فأشبهتا لَدَى، وَإِلَى، وعَلى. وكما أَن هَذِه الثَّلَاثَة لَا تقلب ألفها مَعَ الْمظهر وتقلب مَعَ الْمُضمر، وَكَانَ " كلا " و" كلتا " كَذَلِك. وَيدل على صِحَة ذَلِك أَن الْقلب فيهمَا يخْتَص بِحَالَة النصب والجر دون الرّفْع، لِأَن لديك إِنَّمَا تسْتَعْمل فِي حَالَة النصب والجر، دون الرّفْع، فَلهَذَا الْمَعْنى كَانَ الْقلب مُخْتَصًّا بهما دون حَالَة الرّفْع. قَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي كتاب الْإِنْصَاف وَهَذَا الْوَجْه أوجه الْوَجْهَيْنِ وَبِه علل أَكثر الْمُتَقَدِّمين قَالَ وَالدَّلِيل على أَن الْألف فيهمَا لَيست للتثنية أَنَّهَا لَو كَانَت للتثنية لانقلبت فِي حَالَة النصب والجر إِذا أضيفتا إِلَى الْمظهر لِأَن الأَصْل هُوَ الْمظهر والمضمر فَرعه فَلَمَّا لم تنْقَلب دلّ على أَنَّهَا ألف مَقْصُورَة لَا أَنَّهَا للتثنية وَالله أعلم هَذَا وَقد قَالَ أَبُو حَيَّان فِي تَذكرته هَذَا الْبَيْت من اضطرار الشُّعَرَاء وكلت لَيْسَ بِوَاحِد كلتا بل هُوَ جَاءَ بِمَعْنى كلا غير أَنه أسقط الْألف اعْتِمَادًا

1 / 132