خطبة الحجاج بن يوسف
خطب أهل العراق بعد دير الجماجم قال:
يا أهل العراق إن الشيطان قد استبطنكم فخالط اللحم والدم والعصب والمسامع والأطراف والأعضاء والشغاف، ثم أفضى إلى الأمخاخ والأصماخ، ثم ارتفع فعشش ثم باض وفرخ؛ فحشاكم نفاقا وشقاقا، وأشعركم خلافا أخذتموه دليلا تتبعونه، وقائدا تطيعونه ومؤامرا تستشيرونه، فكيف تنفعكم تجربة أو تعظكم وقعة أو يحجركم إسلام أو ينفعكم بيان؟ ألستم أصحابي بالأهواز حيث رمتم المكر وسعيتم بالغدر واستجمعتم للكفر، وظننتم أن الله يخذل دينه وخلافته، وأنا أرميكم بطرفي وأنتم تتسللون لواذا وتنهزمون سراعا؟ ثم يوم الزاوية وما يوم الزاوية! بها كان فشلكم وتنازعكم وتخاذلكم وبراءة الله منكم، ونكوص وليكم عنكم إذ وليتم كالإبل الشوارد إلى أوطانها النوازع إلى أعطانها، لا يسأل المرء عن أخيه، ولا يلوي الشيخ على بنيه حتى عضكم السلاح وقعصتكم الرماح، ثم يوم دير الجماجم وما يوم دير الجماجم! بها كانت المعارك الملاحم بضرب يزيل الهام عن مقيله، ويذهل الخليل عن خليله.
يا أهل العراق الكفرات بعد الفجرات، والغدرات بعد الخترات، والنزوة بعد النزوات. إن بعثتكم إلى ثغوركم غللتم وخنتم، وإن أمنتم أرجفتم، وإن خفتم نافقتم، لا تذكرون حسنة ولا تشكرون نعمة. هل استخفكم ناكث أو استغواكم غاو أو استنصركم ظالم أو استعضدكم خالع إلا تبعتموه وأويتموه ونصرتموه ورحبتموه؟!
يا أهل العراق هل شغب شاغب أو نعب ناعب أو زفر زافر إلا كنتم أتباعه وأنصاره؟!
يا أهل العراق ألم تنهكم المواعظ، ألم تزجركم الوقائع؟
ثم التفت إلى أهل الشام وقال:
يا أهل الشام إنما أنا لكم كالظليم الرامح عن فراخه ينفي عنها المدر، ويباعد عنها الحجر، ويكنها من المطر، ويحميها من الضباب ويحرسها من الذئاب. يا أهل الشام أنتم الجنة والرداء، وأنتم العدة والحذاء.
خطبة الحجاج لما مات عبد الملك
أيها الناس إن الله تبارك وتعالى نعى نبيكم
صفحة غير معروفة