إلى القتال وأما قول القائل ان الله اوجب علينا طلب الثأر فهو كذب على الله ورسوله فان الله لم يوجب على من له عند أخيه المسلم المؤمن مظلمة من دم أو مال أو عرض ان يستوفى ذلك بل لم يذكر حقوق الآدميين فى القرآن الا ندب فيها إلى العفو فقال تعالى
﴿والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له﴾
وقال تعالى
﴿فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح﴾
وأما قوله تعالى
﴿وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون﴾
فهذا مع انه مكتوب على بنى اسرائيل وان كان حكمنا كحكمهم مما لم ينسخ من الشرائع فالمراد بذلك التسوية فى الدماء بين المؤمنين كما قال النبى ( المسلمون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ( فالنفس بالنفس ( وان كان القاتل رئيسا مطاعا من قبيلة شريفة والمقتول سوقى طارف وكذلك ان كان كبيرا وهذا صغيرا أو هذا غنيا وهذا فقيرا وهذا عربيا وهذا عجميا أو هذا هاشميا وهذا قرشيا وهذا رد لما كان عليه أهل الجاهلية من انه اذا قتل كبير من القبيلة قتلوا به عددا من القبيلة الأخرى غير قبيلة القاتل واذا قتل ضعيف من قبيلة لم يقتلوا قاتله اذا كان رئيسا مطاعا فأبطل الله ذلك بقوله
﴿وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس﴾
فالمكتوب عليهم هو العدل وهو كون النفس بالنفس اذ الظلم حرام واما استيفاء الحق فهو إلى المستحق وهذا مثل قوله
﴿ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل﴾
أي لا يقتل غير قاتله
وأما إذا طلبت احدى الطائفتين حكم الله ورسوله فقالت الأخرى نحن نأخذ حقنا بأيدينا فى هذا الوقت فهذا من أعظم الذنوب الموجبة عقوبة هذا القاتل الظالم الفاجر واذا امتنعوا عن حكم الله ورسوله ولهم شوكة وجب على الأمير قتالهم وان لم يكن لهم شوكة عرف من امتنع من حكم الله ورسوله والزم بالعدل
وأما قولهم لنا عليهم حقوق من سنين متقادمة فيقال لهم نحن نحكم بينكم فى الحقوق القديمة والحديثة فان حكم الله ورسوله يأتى على هذا
صفحة ٨٨