37

خلاف الأمة في العبادات ومذهب أهل السنة والجماعة

محقق

عثمان جمعة خيرية

الناشر

دار الفاروق

سنة النشر

١٤١٠ هجري

مكان النشر

الطائف

فيه أهل الهدى المتمسكون بالسنة والجماعة، (١) وحفظ أيضاً سنة رسول الله ﷺ عما ليس فيها من الكذب عمداً أو خطأ بما أقامه من علماء أهل الحديث وحفّاظه الذين فحصوا عنها وعن نقلتها ورواتها، وعلموا من ذلك ما لا يعلم غيرهم حتى صاروا مجتمعين على ما تلقوه بالقبول منها اجماعاً معصوماً من الخطأ؛ لأسبابٍ يطول وصفها في هذا الموضع. (٢)

وعلموا هم خصوصاً، وسائر علماء الأمة بل وعامتها عموماً، ما صانوا به الدين عن أن يزاد فيه أو ينقص منه (٣)، مثلما علموا أنه لم يفرض عليهم في اليوم والليلة إلا الصلوات الخمس، وأن مقادير ركعاتها ما بين الثنائي والثلاثي والرباعي، وأنه لم يفرض عليهم من الصوم إلا شهر رمضان، ومن الحج إلا حج البيت العتيق، ومن الزكاة إلا فرائضها المعروفة، إلى نحو ذلك.

وعلموا كذب أهل الجهل والضلالة فيما قد يأثرونه عن النبي ﷺ، لعلمهم

(١) فقد جعل الله سبحانه لتمييز السنة عن البدعة ناساً من عبيده، بحثوا عن أغراض الشريعة: كتاباً وسنة، وعما كان عليه السلف الصالحون، وداوم عليه الصحابة والتابعون، وردُّوا على أهل البدع والأهواء، حتى تميز أتباع الحق عن اتباع الهوى.
وبعث الله من هؤلاء سادة فهموا عن الله وعن رسول الله ﷺ، فاستنبطوا أحكاماً فهموا معانيها من أغراض الشريعة في الكتاب والسنة، تارة من نفس القول، وتارة من معناه، وتارة من علة الحكم، حتى نزَّلوا الوقائع التي لم تذكر على ما ذكر، وسهّلوا لمن جاء بعدهم طريق ذلك. وهو عين الحفظ الذي تضمنته الأدلة المنقولة.
انظر ((الموافقات)) للشاطبي: (٦٠/٢-٦١).

(٢) إن حفظ القرآن الكريم يقتضي حفظ سنة النبي ﷺ، وهي الوحي غير المتلو، وهي بيان للوحي المتلو الذي تكفل الله تعالى بحفظه، وقد قيَّض الله تعالى للسنة رجالاً يبحثون عن الصحيح من حديث رسول الله ﷺ، وعن أهل الثقة والعدالة من النَّقَلَة لهذه السنة، حتى ميّزوا بين الصحيح والسقيم، وتعرفوا التواريخ وصحة الدعاوى في الأخذ لفلانٍ عن فلان، حتى استقر الثابت المعمول به من أحاديث رسول الله ﷺ.
وبجهود أولئك الرجال الأفذاذ من علماء الأمة كذلك نشأت العلوم التي تخدم السنة النبوية تدويناً وحفظاً ومقاومة لحركة الوضع في الحديث ...
انظر: ((الموافقات)): (٦٠/٢)، ((الإحكام)) لابن حزم: (٨٩/٤ و١٠٩) ((السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي)) للشيخ الدكتور مصطفى السباعي، ((دراسات في الحديث النبوي)) للدكتور محمد مصطفى الأعظمي، ((السنة قبل التدوين)) لأستاذي الدكتور محمد عجاج الخطيب.

(٣) راجع التعليقين السابقين.

37