وماذا عسى يجدي اجتهاد لدولة
وليس من الآحاد شد لها أزر
أما يقتضي أن نبذل الجهد كي يرى
لها الشطر في إصلاحنا ولنا شطر
وهو الذي أنشأ صحيفة «وادي النيل» سنة 1284، ثم أنشأ نجله محمد أنسي بك جريدة «روضة الأخبار» فكان هو محررها. (1-5) محمد أفندي عبد الرازق
كان من أقران أبي السعود أفندي، تعلم في مدرسة الألسن وبرع في العربية والفرنسية، وكان أعظم العاملين في قلم الترجمة، يضارع في قوته أبا السعود، ولم أر أحدا من أقرانه وأساتذته بلغ مبلغه في النثر المتين البليغ الذي لا يفترق عن كتابة العصر الحاضر، وله قاموس في المواليد الثلاثة بالفرنسية والعربية محفوظ بالكتبخانة ولم يطبع وينقصه بعض حروف، ومما ترجمه «خلاصة تاريخ العرب لسيدبو» وقد مات قبل إتمام ترجمته، فكلف علي باشا مبارك من أتم الجزء الصغير الذي كان باقيا منه وطبعه.
وإني لمورد طرفا من كتابته في هذه الترجمة ليقف القراء على متانة أسلوبه العربي وذوقه السليم في التعبير، قال في أول المبحث التاسع:
كان بين الإسماعيلية والقحطانية تنافس المعاصرة المؤدي إلى اختلاف الكلمة، ثم مالوا إلى الوحدة السياسية لتوفر أسبابها من إغارة الحبشة عليهم بمكة واتحادهم في الأخلاق والعادات، وإن سائرهم تمسك بأوهام العبادة الوثنية والعادات الجاهلية؛ كمعاملة النساء معاملة الرقيق، ووأد البنات مع التكبر الوحشي وحب الانتقام والمقاصة، وإجازة النهب بعد الانتصار، وإقامة القوة مقام الحق، وقرى الضيف مع حرمان النفس تشوقا إلى السمعة بين القبائل، وحب شرف النفس الموجب للبسالة والحماسة والمحاماة عن المظلوم، وتقديم الوفاء بالوعد على الحياة، ونزيد على ذلك شهواتهم النفسية فإنها أكبر تلك الخصال غلبة وظهورا، ومن ذلك يعلم أنه متى اتجهت عقولهم الهائجة المخاطرة إلى شيء وثبوا إليه وثبة واحدة وذلك يوجب الوحدة في اللغة المتيسر بعضها بواسطة اختلاف القبائل. (1-6) عبد الله أفندي نديم
صحافي شهير وكاتب أخلاقي اجتماعي طويل الباع في الخطابة، وكان إذا اقترح عليه أي موضوع في محفل من المحافل قام بين الناس خطيبا مرتجلا، طلق اللسان، فصيح الإلقاء، سريع الخاطر، مستمرا في خطابته ساعتين أو ثلاثة دون أن يتلعثم لسانه، وهو الذي أنشأ مجلة «الأستاذ» و«الطائف» و«التنكيت والتبكيت»، وفضلا عن نبوغه في النثر فإنه مهر في المجون والأزجال والمواليات، وصحيفته الأخيرة حافلة بهذا النوع، وكان يعقب الموضوع الهزلي بالتبكيت والموعظة الحسنة.
ومن جيد مقالاته التي أمكنني العثور عليها: «بمن أقتدي إذا اختلفت الآراء؟» و«هذه يدي في يد من أضعها؟» و«حرب الأقلام بجيوش الأوهام»، ولنذكر قطعة من مقالته الأولى لنقف على أسلوبه:
صفحة غير معروفة