قال: هو ما جعل الله فيه من علمه، وخصه به من المعرفة والخوف في علانيته وسره، وإنما كان ذلك ابتداء منها ومراودة له على نفسه كان من قولها له أن: يا يوسف إن لم تأتني أتيت أنا إليك، فقال: معاذ الله من ذلك، فقامت فأرخت سترا كان على باب البيت، وكان في البيت صنم لها تعبده من الذهب له عينان من ياقوتتين حمراوين، فكانت تستحسنه وتعبده.
فقال يوسف صلى الله عليه: لم أرخيت هذا الستر؟
فقالت: إني خفت أن يراني هذا الذي في البيت فأرخيته حياء منه، وإجلالا له.
فقال لها: فإذا كنت تستحين من صنم لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع؛ فكيف لا أستحي أنا من الذي خلقني وخلقك، وخلق هذا الذي تخافين منه وتستحين، بل أخاف وأستحي من الذي خلقني وخلقكم، وهو خالق السموات والأرضين. ثم نهض منها هاربا بنفسه، فلحقته إلى باب الدار، فقدت قميصه، وألفيا سيدها لدى الباب، وهو زوجها الملك، وذلك أنهم كانوا يسمونه السيد لموضعه عندهم، ورفعته فيهم.
فقالت له: ما جزاء من أراد بأهلك سوءا إلا أن يسجن أوعذاب أليم.
قال يوسف: هي راودتني عن نفسي.
صفحة ٦١٥