بهجرها وعدم الرجوع إليها الا لغرض صحيح بل يقوي القول بوجوب اتلافها حينئذ وأن يكون من كتبنا المتداولة كالكتب الأربعة وعيون الاخبار والأمالي والعلل ونحوها غير أن الرجوع إلى غير هذه الكتب فيما كان من الآداب والسنن لا باس به وحجية خبر العدل الجامع للشرايط وهو الصحيح في اصطلاح المتأخرين في الروايات وغيرها وفي الشرعيات والعاديات الا ما تعلق بالماليات أو حقوق الخلق أو الأمور العامة كالهلال وموجب الآيات وما اخذ فيه العلم لسهولة ماخذه كالقبلة والأوقات وحجية ما عداه من الصحيح في اصطلاح القدماء وهو الموثوق به ما عدا القسم الأول حجة في خصوص الاخبار المتعلقة بالأحكام وحجية الرواية الضعيفة في السنن والآداب مقصورة على ما خلا عن المعارض من عموم يفيد التحريم ونحوه سواء كان مبتدأ كصلاة الأعرابي أو راجح الأصل مجهول رجحان الخصوصية وأما الاستناد إلى مطلق الظن بل الاحتمال القوي والى قول فقيه واحد فضلا عن المتعددين من باب الاحتياط في تحصيل الراجح فمقصور على القسم الثاني ولا حاجة فيه إلى الرجوع إلى المجتهد - البحث السادس والأربعون - ينبغي للفقيه إذا حاول الاستدلال على مطلب من المطالب الفقهية ان يتخذ الأدلة الظنية من الاخبار وغيرها من الطرق الشرعية الظنية ذخيرة لوقت الاضطرار وفقد المندوحة لأنه غالبا غني عنها بالآيات القرآنية والأخبار المتواترة المعنوية والسيرة القطعية المتلقاة خلفا بعد سلف من زمان الحضرة النبوية والامامية إلى يومنا هذا وليس مذهبنا أقل وضوحا من مذهب الحنفية والشافعية والحنبلية والمالكية والزيدية والناوسية والواقفية والفطحية وغيرهم فان لكل طائفة طريقة مستمرة يتوارثونها صاغرا بعد كابر بل أهل الملل ممن عدى المسلمين على بعد عهدهم عن أنبيائهم الماضين لهم طرائق وسير يمشون فيها على الأثر ولا يصغون إلى انكار من أنكر فما أدري وليتني علمت أنه ما السبب وما الباعث في أن بعض أصحابنا رضوان الله عليهم لم يزالوا ساعين في اخماد ضوء الشريعة الغراء و اثبات الخفاء في مذهب الأئمة الهدى حتى فتحوا للأعداء أكثر الأبواب ونسبوا أكابر فقهائنا إلى الخطاء وأبعدوهم عن الصواب وبعثوا على تجرى الأطفال على فحول العلماء الذين لولاهم لم يعرف الحرام من الحلال وتلك مصيبة عامة نسئل الله تعالى الوقاية منها البحث - السابع والأربعون - انه لا ريب في أن في الواقع احكامها مختلفة منقسمة إلى الأحكام الخمسة أو الستة عقلية أو عادية أو عرفية أو شرعية وهذه هي التي أخبر عنها مبدع الاشتباه في الكتب المنزلة من السماء وكذا الأنبياء والأوصياء وبذل الجهد في معرفتها العلماء والفضلاء فصرفوا الأعمار في تتبع السير والآثار وأجالوا الفكر في الاخبار المروية عن النبي المختار وأهل بيته الأئمة الأطهار فمن وقف عليها أصاب ومن زاغ عنها زاع عن الصواب وهي قد تتعلق بعنوان لا يتغير كالمكلفين من مطلق البشر وكالأنثى والذكر وقد تتعلق بما يتبدل ويتغير كعنوان الحضر والسفر وناوي الإقامة وكثير السفر والعاصي به إلى غير ذلك مما يعلم منه دوران الحكم مدار ذلك العنوان فلا بحث في أن الحكم في أمثال ذلك واقعي لا ظاهري كما يظهر من تتبع الأدلة واما عنوان الادراك علما أو ظنا أو شكا أو وهما فإنما هو مرآة ينكشف بها الحكم ولا يختلف باختلافها وتعلقه بالحكم الشرعي كتعلقه بالعرفي والعادي وتعلقه بموضوعات الاحكام فصفة العلم والجهل والنسيان والذكر والظن والشك والوهم لا تؤثر في حكم المعلوم والمجهول والمنسي والمذكور والمظنون والمشكوك والموهوم شيئا كما في الموضوعات وغير الشرعي من الاحكام الا إذا قضى الدليل بتبدل الحكم بعروضها فتكون كساير العناوين كما في الجاهل بالقصر والاتمام والجهر والاخفات والجاهل بكيفيات العقود والايقاعات والاحكام من الكفار وشبههم من طوائف الاسلام والناسي لغير الأركان في الصلاة والشاك بعد تجاوز المحل وكثير الشك وهكذا واما ما لم يرد فيه نص بالخصوص فيبقى على القاعدة من أصل عدم الصحة وعلى ظاهر العمومات المقتضية للأحكام الواقعية في العبادات وشطورها وشروطها ومنافياتها والمعاملات كذلك فتكون بحكم الاعذار المانعة عن استحقاق العقاب ودخول النار والامر المتوجه إليها والنهي المتوجه إلى تركها انما هي للقيام بالعبودية والدخول تحت اسم الطاعة ورفع التجري و الأجزاء المستفاد من الامر الظاهري يتحقق بحصولها ولا شك في ذلك بالنسبة إلى الناسي والجاهل بالموضوع غالبا والمقلد مشافهة لمن زعم اجتهاده اشتباها فبان جاهلا أو كافرا أو مخالفا أو فاسقا أو بالواسطة فبان كذلك أو بواسطة كتاب المجتهد فظهر كتاب غيره أو بان للمجتهد بطريق القطع بطلان رأيه وعدم قابلية ماخذه من دون تقصير في الفحص عنها فإنه لا شك في عدم مدخلية هذه الصفات في انقلاب الحكم وانما هي صفات عذر بها يدفع بها العذاب وينال بها الأجر والثواب واما المجتهد بالأحكام الشرعية فحاله كحال المجتهد في الاحكام العادية والعرفية وكحال العبيد إذا اجتهدوا في معرفة حكم ساداتهم وكل من نختار (يختاره) مفترضي الطاعة إذا اجتهد في موافقة أمرهم وطاعتهم وهو من قسم الادراك الذي هو طريق إلى الواقع لا من قبيل الصفات والموضوعات التي هي متعلق حكم الشارع ومن نظر في الاخبار وجال حول تلك الديار واطلع على تخطئة الأئمة لفحول الأصحاب وتخطئة بعضهم لبعض من غير شك وارتياب وفيما اشتهر على لسان الفريقين من رواية ان الفقيه إذا أخطأ كان له حسنة وان أصاب فعشر ما يغني لكنا نختار فيه حيث لا نعلم بطلان ما سبق بل نظن قسما ثالثا لا يدخل في قسم الواقعيات وتبدل الموضوعات لما ذكرنا من الأصول والقواعد وظاهر العمومات
صفحة ٣٩