صاحب المال ماله من غير طلب وحينئذ لا اجرة بعد استيفاء العمل ولا عوض بعد اتلاف المال ويبنى على التبرع والهبة بلا عوض ومع بقاء العين يجرى فيه حال الهبات في التفصيل في حكمها بين المقصود بها القربة وغيرها وهبة ذي الرحم وغيرها ثانيها ان يأمر بالعمل بنفسه أو باعطاء مقدار من المال غير مصرح بالهبة والتبرع بل يطلق والحكم هنا البناء على عدم الهبة والتبرع والبناء على مشغولية ذمته بالأجرة والعوض والظاهر أن مجرد الاذن كالأمر الا ان يقضي العرف بالهبة والتبرع ثالثها ان يأمره بالعمل لغيره أو باعطاء شئ من المال كذلك والحكم هنا بالبناء على شغل ذمة الامر بالأجرة والعوض ولا رجوع للعامل والامر على المنتفع بشئ لان الامر متبرع بالنسبة إليه كالعامل ولا فرق في ذلك بين أمر الخالق وامر غيره ومقتضى ذلك أن لا يرجع الوصي ولا المحتسب مع الوجوب عليه ولا الأمين الشرعي ولا الباذل لحفظ النفس المحترمة ونحوهم على من عملوا له بشئ إلا مع ما يدل على أنه في مقابلة عوض وأمر المولى بأمره يعود إلى المولى عليه فيقوم مقام امره لنفسه لو كان قابلا لذلك - البحث الرابع والأربعون - الأدلة إما أن تكون مثبته لذاتها من غير جعل كالطرق المفيدة للعلم بالحكم من عقل أو نقل أو متواتر أو اجماع معنويين أو خبر محفوف بالقرينة أو سيرة أو قرائن اخر قاطعة على الحكم والإرادة واما أن تكون جعلية بحكم الشارع لا بمقتضى الذات كما علم بالأدلة مع دخول الظن فيها في صدور أو دلالة أو فيهما كالكتاب والاجماع والمتواتر والمحفوف بالقرينة اللفظية وخبر الواحد الصحيح في نفسه أو بالانجبار والأصول والقواعد الشرعية المدلول عليها بالأدلة مطلقة وهذا القسم وما قبله مما يرجع إليه في الاختيار والاضطرار وهذا بخصوصه مختص بالمجتهد واما ان يكون مما انسدت فيه الطرق في معرفة الواجب مع العلم باشتغال الذمة وانسداد طريق الاحتياط وهذا يجري في المجتهد إذا فقد الأدلة لحصوله في غير بلاد المسلمين مع فقد المرجع وفي غيره عند اضطراره لضرورة بقاء التكليف وانسداد طريق العلم والظن القائم مقامه فيرجع كل منهما إلى الروايات الضعيفة والشهرة وأقوال الموتى والظنون المكتسبة سوى ما دخل تحت القياس المردود على أن أقول به في مثل هذه الصورة غير بعيد وما كان من الاضطراري لا يدعي حجة كما لا يسمى الحرام كأكل الميتة مع الضرورة مباحا ولا اكل الحلال بالنسبة إلى من يضره حراما وبعد الوصول إلى هذه الدرجة ينظر فيها نظر الأدلة في العمل بالراجح وتكون الشهرة أحدها فتقدم البسيطة على المركبة والمعلومة بتحصيل أو طريق قاطع على المظنونة وشهرة القدماء على شهرة المتأخرين والأواسط والأخيرة على المتوسطة وليست حجة في نفسها على المشهور والشهرة في عدم حجية الشهرة لا تصلح مستندا لكنها مؤيدة للمنع وإذا تأملت بحال العبيد مع مولاه مع العلم بإرادته وظنه المعهود إليه في العمل به وباقي الظنون إذا انسد الطريق اتضح لك الحال وخبر الاخبار الضعيفة بها لا يقتضى حجيتها فان ساير الظنون تجبرها وانما انجبرت لتقوى الظن بها لان المدار على الظنون الاجتهادية في صدق الاخبار المروية فتكون الظنون في شأنها متساوية لا تختلف الا بالقوة والضعف - البحث الخامس والأربعون - في أن الأدلة المثبتة للأحكام مقتضى القاعدة فيها اشتراط ان يكون علميه أولا وبالذات أو راجعة إلى العلم بالآخرة إما ما لا رجوع فيها إلى العلم فلا اعتبار لها لان العقل لا يجوز العمل على ما يحتمل خلاف المراد ولو وهما الا ان يوجبه أو يجبره العقل من جهة الاحتياط في تحصيل المراد حيث يؤمن في الطرف الآخر من الفساد فينتهي إلى العلم أو يجعله الشرع مدارا في الحكم كما جعل الظن والشك والوهم مدار في ثبوت النجاسة والحدث بخروج المشتبه من البول أو المني قبل الاستبراء وكذا احتمال التذكية في يد المسلمين أو سوقهم والتملك في أيديهم والصحة في معاملاتهم ودعاويهم ونحو ذلك فالعمل إما بما يكون فيه القطع من كل وجه أو بما يكون فيه القطع من بعض الوجوه كالقطع صدورا الظني دلالة كالكتاب والمتواتر والاجماع اللفظين فقط أو الظني صدورا القطعي دلالة وما لا يدخل فيه القطع كالظني صدورا ودلالة وهذا القسم وما قبله من القسمين إذا انتهت إلى الدليل القاطع كان العمل على العلم دون الظن ثم ما قام عليه القاطع غير مقيد بالاضطرار فهو حجة على الاطلاق كالأقسام الثلاثة الأول والصحيح من اخبار الآحاد المعتمد على صدوره من الحجة لا اعتماد على راويه و الكتاب الذي هو فيه أو لترجيحات خارجة تقويه من شهرة رواية أو فتوى أو موافقة كتاب أو قاعدة إلى غير ذلك بتلك المنزلة وقد قضى الاجماع القاطع والأخبار المتواترة اللفظ والمعنى بحجية الأقسام الثلاثة الأول على أن القسم الأول منها غني عن الدليل واما الخبر الصحيح فقد استفيدت حجيته من الكتاب والاجماع محصلا ومنقولا مع الحف بقرينة القطع والسيرة القاطعة والأخبار المتواترة معنى فلا دور وما عدا القسم الأول إذ هو الحاكم على ما عداه يجرى فيه التعارض ويحكم القطعي صدورا على القطعي متنا وبالعكس مع الترجيح وظني الجهتين مع استكمال شرايط الحجية قد يحكم على قطعي الدلالة ظني الصدور مع رجحان ظن صدوره وعلى قطعي الصدور ظني الدلالة حيث يكون عمومه كثير الافراد يقوم مقام القاعدة وفي غيره ان حصل لظني الطرفين قوة من داخل أو خارج زايدة على نفس الحجية غلب عليه والا فلا واما الحجة الاضطرارية كالاخبار الضعيفة مع العلم بالتكليف وعدم التمكن من الوصول إلى الدليل مما عداها فليست أهلا للمعارضة لان حجيتها مشروطة بعدم الدليل كما أن التمسك بأصل البراءة والاستصحاب والرواية الضعيفة في باب السنن والآداب مشروطة بعدم ما يعارضها من الدليل والشرط في العمل بالخبر في باب الفرائض والسنن ان يؤخذ من كتبنا لا من كتب من خالفنا فان كتب أهل الخلاف أمرنا
صفحة ٣٨