12
هوامش
الباب السابع
نأتي إلى ما يختص بالعناصر التي منها الأجسام مركبة. جميع الفلاسفة الذين يقبلون عنصرا مشتركا أو الذين يقبلون أن العناصر تتغير بعضها إلى بعض يجب عليهم بالضرورة أن يعترفوا أيضا بأنه إذا تحقق أحد هذين الفرضين تحقق الثاني على السواء. ولكن هؤلاء الذين لا يريدون أن العناصر يمكن أن يتوالد بعضها من بعض ولا أن يأتي كل واحد من كل واحد إلا أن يكون كما يجيء اللبن من حائط، هؤلاء إنما يقررون نظرية باطلة؛ لأنه حينئذ كيف يجعل من هذه العناصر العظام أو اللحوم أو أي جوهر آخر مشابه.
1
في الحق أن هذه الصعوبة تبقى، وإلى هؤلاء الذين يقبلون أن العناصر تتوالد يمكن أن توجه إليهم مسألة كيف تبلغ هذه العناصر أن تكون شيئا مغايرا لها أنفسها؟ مثال ذلك إذا كان من النار يأتي الماء وإذا كان من الماء تأتي النار؛ فذلك لأن بينهما موضوعا مشتركا. ولكن من العناصر يخرج في الحق أيضا اللحم والنخاع، فكيف تتكون هذه الجواهر؟
2
بأي وجه يمكنها أن تتكون على حسب نظريات هؤلاء الذين يتبعون مذهب أمبيدقل؟ بالضرورة ليس بين هذه العناصر إلا جمع كما نجمع مواد حائط يتكون من آجر وأحجار. في خليط من هذا القبيل تبقى العناصر هي ما هي، وتوضع أجزاء أجزاء بعضها إلى جانب البعض الآخر، وحينئذ على هذا المنوال - بناء على هذه النظريات - إنما يتكون اللحم وسائر الأشياء المشابهة له.
3
ولكنه ينتج منه أن النار والماء لا يخرجان ألبتة من جزء كيفما اتفق من أجزاء اللحم، كما في تصاوير الشمع من هذا الجزء يمكن أن تخرج كرة ومن ذاك يخرج هرم. فكل ما يرى هو أن الواحد والآخر من هذين الشكلين يمكن أن يأتي أيضا على السواء من كل واحد من جزأي الشمع . وعلى هذا النحو حينئذ أن من اللحم يخرج عنصرا النار والماء، وأنه قد يكونان معا من أي جزء اتفق، ولكن مع مبادئ أمبيدقل لا يكون تعبير هذا ممكنا، ويلزم أن كل عنصر يأتي من مكان آخر أو من جزء آخر كما في الحائط؛ فإنه من مكان مختلف تأتي الآجرة والحجر.
صفحة غير معروفة