17
وهذه الصورة أو هذا النوع بلا مادة هو في المادة كقوة لا مادية، ولكن إذن تجيء فتنضم إلى الجسم مادة ما هي لامادية بالقوة مع أن لها أيضا بالقوة الكم ... فهذه الأجسام اللامادية ستكون إذن أعظم، ولكن إذا كانت هذه المادة المضافة تصل إلى حد ألا تستطيع أن تكون شيئا، وإذا كان الماء كذلك بامتزاجه أكثر فأكثر بالنبيذ يصل إلى أن يصيره أكثر فأكثر مائيا، وإلى أن يحيله أخيرا تماما إلى ماء؛ فحينئذ يمكنه أن يجر إلى فساد الكمية، ولكن الصورة والنوع يبقيان كما كانا.
18
هوامش
الباب السادس
لما أنه يلزم عند دراسة المادة - وبالنتيجة العناصر - أن يقال بادئ بدء ما إذا هي تكون أو لا تكون، وإذا كان كل واحد منها أزليا، أو إذا كانت مخلوقة بأي وجه ما، ومع أنها مخلوقة إذن كان يمكنها كلها أن تتكاون بطريقة واحدة، أو إذا كان أحدها هو أسبق من الآخر ، فينتج من ذلك أن من الضروري أن تعين جيدا بادئ الأمر الأشياء التي لم يتكلم عنها حتى هذه الساعة إلا بطريقة جد مبهمة وغير كافية جدا.
1
وفي الحق كل أولئك الذين يقبلون الخلق للعناصر أنفسها كما يقبلونه بالنسبة للمركبات التي تنتج عنها يقتصرون في إيضاح كل شيء على الاجتماع والافتراق وعلى الانفعالية وعلى الفعل. ولكن الاجتماع ليس إلا اختلاطا، ولم يحد لنا جليا ما يجب علينا أن نعنى باختلاط الأجسام. ومن جهة أخرى ليس من الممكن كذلك أن تحصل استحالة ولا افتراق أو اجتماع بدون موضوع يفعل وينفعل؛ لأن أولئك الذين يقبلون تعدد العناصر يجعلونها تولد من الفعل والانفعال المتكافئين بين العناصر بعضها والبعض الآخر.
2
ومع ذلك يلزم دائما الوصول إلى القول بأن كل فعل يأتي من مبدأ واحد أحد، فانظر كيف أن ديوجين كان عنده الحق إذ يقرر أنه إذا كانت كل العناصر لم تكن تأتي من واحد فلا يمكنها أن يكون بينها لا فعل ولا قابلية للفعل على طريق التكافؤ، وأن الحار مثلا قد لا يمكن أن يبرد ولا البارد أن يسخن من جديد. وكان يقول: ليست الحرارة ولا البرودة هي التي تتغير إحداها في الأخرى، بل من البين بذاته أن الموضوع هو الذي يعاني التغيير. وبالنتيجة كان يستنتج ديوجين أن في الأجسام التي فيها يمكن وجود فعل وانفعال يلزم بالضرورة أن يكون لها طبيعة واحدة هي موضوع لهاتين الظاهرتين. ولا شك في أن تقرير أن جميع الأشياء هي في هذه الحالة قد لا يكون تقريرا صحيحا؛ فإن هذا لا يلاحظ في الواقع إلا في الأجسام التابعة بعضها لبعض.
صفحة غير معروفة