زد على ذلك أن في مذهب أمبيدقل توجد مبادئ منها يمكن أن تتولد الأشياء وتنفصل من جديد، وعلى الخصوص متى سلمنا بالتنازع الأبدي المتبادل بين التنافر والعشق، فانظر كيف أن الأشياء فيما يظهر تتولد إذن من مبدأ واحد؛ لأن النار والماء والأرض وهي لا تزال مجتمعة لم تكن لتكون كل العالم، ولكنه بهذه النظرية لا يعرف إن كان يلزم الاعتراف بأن لهن مبدأ واحدا أو مبادئ متعددة، وأعني بهن الأرض والنار والعناصر التي من هذا القبيل؛ ذلك بأنه في الواقع من جهة ما يفترض كمادة مبدأ منه تأتي الأرض والنار متغيرتين بالحركة المتحصلة فإنه لا يوجد إذن إلا عنصر واحد لا غير، ولكن من جهة أن هذا العنصر عينه هو متحصل من اجتماع هذه الجواهر التي تتحد ينتج أن هذه الجواهر قبل اجتماعها هي ذواتها أشد عنصرية وسابقة بطبيعتها.
11
ولكن يلزمنا في دورنا أن نتكلم بطريقة عامة على كون الأشياء وفسادها على معناهما المطلق، وسنعيد البحث فيما إذا كان هذا الكون أو لم يكن، وسنقول كيف يكون هو. ثم نتكلم أيضا على الحركات البسيطة كالنمو والاستحالة.
12
هوامش
الباب الثاني
لم يدرس إذن أفلاطون الكون والفساد إلا من حيث طريقة وجودهما بالأشياء، بل لم يكن ليدرس الكون في كل عمومه، بل اقتصر على كون العناصر. ولم يقل شيئا على تكون جميع الأجسام التي هي من جنس اللحم والعظم وسائر الأجسام المتشابهة لها، ولم يتكلم عن الاستحالة ولا على النمو، ولم يبين كيفية إدراكه إياهما في الموجودات.
1
على أنه يمكن الجزم بأنه لم يتكلم أحد على هذه الموضوعات إلا بطريقة سطحية جدا ما عدا ديمقريطس؛ فإنه يظهر أنه فكر في كل المسائل، ولكنه يخالفنا في إيضاح الطريقة التي بها تحدث الأشياء. ولم يفكر أحد كما قلنا آنفا في إيضاح النمو إلا ما ربما يكون على المعنى الذي تفهم الكافة به هذه الظاهرة؛ أعني بأن يقال إن الأجسام تنمو لأن الشبيه يأتي فينضاف إلى الشبيه. أما كيف تحصل هذه الظاهرة فذلك ما لم يوضحه أحد ألبتة حتى الآن.
2
صفحة غير معروفة