169

الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري

الناشر

دار إحياء التراث العربي

مكان النشر

بيروت-لبنان

تصانيف

زَلَفَهَا، وَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ الْقِصَاصُ، الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلاَّ أَنْ يَتَجَاوَزَ اللَّهُ عَنْهَا». ٤٠ - حدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُور ــ العقاب بثواب أزيد أو بتوبة. قوله: (زلفها) بتشديد اللام وبالفاء أي أسلفها وقدمها يقال زلفته تزليفًا وأزلفته إزلافًا بمعنى التقديم وأصل الزلفة القربة وفي بعض نسخ المغاربة زلفها بتخفيف اللام ويؤيد هذا المعنى قوله: ﷺ (الإسلام يجب ما قبله) أي يهدمه ويمحوه. قوله: (وكان بعد ذلك) أي بعد حسن الإسلام القصاص وهو مقابلة الشي بالشيء أي كل شيء يعمله يوضع في مقابلة شيء أن خيرًا فخير وإن شرًا فشر وهو مرفوع بأنه اسم كان وهو يحتمل أن تكون ناقصة وأن تكون تامة. فإن قلت لم قال كان والسياق يقتضي لفظ المضارع قلت هو لتحقق وقوعه كأنه واقع نحو (ونادى أصحاب الجنة). قوله: (الحسنة) مبتدأ. و(بعشر) خبره والجملة استئنافية قال تعالى (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) و(على سبعمائة ضعف) متعلق بمقدر أي منتهيًا إلى سبعمائة فهو منصوب على الحال. قال تعاني (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء) الآية. فإن قلت بين في الحديث الانتهاء إلى سبعمائة و(والله يضاعف لمن يشاء) يدل على أنه قد يكون الانتهاء إلى أكثر. قلت المراد أن الله تعالى يضاعف تلك المضاعفة وهو أن يجعلها سبعمائة وهو ظاهر وإن قلنا أن معناه أنه يضاعف السبعمائة بأن يزيد عليها أيضًا فذلك في مشيئة الله وأما المتحقق فهو إلى السبعمائة فقط. قوله: (ضعف) الجوهري: ضعف الشيء مثله وضعفاه ثملاه. فإن قلت فلم أوجب الفقيه فيما إذا أوصى بضعف نصيب ابنه مثل نصيبه وبضعفي نصيبه ثلاثة أثماله قلت المعتبر في الوصايا والأقارير العرف العامي لا الموضوع اللغوي وقد يجاب أيضًا بأنه اسم يقع على العدد بشرط أن يكون معه عدد آخر أو أكثر فإذا قيل ضعف العشرة لزم أن يجعلها عشرين بلا خلاف لأنه أول مراتب تضعيفها ولو قال له عندي ضعف درهم لزمه درهمان ضرورة الشرط المذكور كما إذا قيل هو أخو زيد اقتضى أن يكون زيد أخاه وإذا لزم المزاوجة دخل في الإقرار وعلى هذا له ضعفا درهم يتنزل على ثلاثة دراهم وليس ذلك بناءً على ما يتوهم أن ضعف الشيء موضوعه مثلاه وضعفيه موضوعه ثلاثة أمثاله بل ذلك لأن موضوعه المثل بالشرط المذكور ومن البين فيه أنهم ألزموا في ضعفي الشيء ثلاثة أمثاله ولو كان موضوع الضعف المثلين لكان الضعفان أربعة الأمثال. قوله: (بمثلها) يعني لا يزاد عليها وهذا من فضل الله وسعة رحمته حيث جعل الحسنة

1 / 169