كتابة الحديث في عهد النبي ﷺ وصحابته وأثرها في حفظ السنة النبوية
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالمدينة المنورة
تصانيف
ومحمد بن عبد الله بن عمرو، جد شعيب، جاء عنهم أيضًا ما يفيد وجود مكتوبات متعددة عنده، وكان يُسمعهم منها.
فتلميذه أبو راشد الحمراني (١) قال: أتيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت له: حدثنا ما سمعت من رسول الله ﷺ فألقى بين يدي صحيفة فقال: هذا ما كتب لي رسول الله ﷺ فنظرت فيها فإذا فيها: أن أبا بكر الصديق قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال له رسول الله ﷺ: "يا أبا بكر قل: اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة، لا إله إلا أنت ..." الحديث (٢) وقوله: "هذا ما كتب لي رسول الله ﷺ" أي: أذن لي بكتابته عنه، كما في الروايات الأخرى التي سبق بعضها.
وكلام أبي راشد هذا، يفيد أنه كان بمفرده عندما جاء إلى عبد الله بن عمرو وأطلعه على صحيفة مما كتبه، ويعتبر صنيع عبد الله بن عمرو هذا مع تلميذه أبي راشد، من تأصيل التحمل بالمناولة، حيث ألقى بين يديه الصحيفة المكتوب فيها الحديث، وأخبره بأنها مما أذن له الرسول ﷺ بكتابته عنه، ثم مكنه من النظر فيها، وقراءة الحديث المذكور منها. ويبدو أن جماعة غير أبي راشد قد رأوا هذه الصحيفة أيضًا، وتحملوا منها رواية الحديث السابق نفسه بلفظ مقارب، فقد قال أبو عبد الرحمن الحُبلي المصري، تلميذ عبد الله بن عمرو أيضًا: أخرج لنا عبد الله بن عمرو قرطاسًا (٣) وقال: كان رسول الله ﷺ
_________
(١) تهذيب التهذيب (١٢/٩١) .
(٢) أخرجه الإمام أحمد في مسنده (٢/ ١٩٦) حديث (٦٨٥٢) بإسناد حسن.
(٣) القرطاس: ما يكتب فيه. انظر المفردات للراغب الأصفهاني، مادة قرطس.
1 / 16