والإستثناء مثل قوله تعالى: { إلا أن يعفون}. ففصل تعالى بين المطلقات العافيات، وغيرها، في سقوط المهر بالإستثناء. فلو لا أن العلة في سقوط مهر العافية هو العفو، لم يكن لذكر الإستثناء فائدة. ومن ذلك: الغايات. مثل: {ولا تقربوهن حتى يطهرن}. ونحوه. فلو لا أن العلة في جواز الوطء هو الطهر، لم يكن لذكر الغاية فائدة. ونحوه اقتران الصفة بحكم من الشارع، حيث لا وجه لذكر الصفة إلا قصد التعليل للحكم بها، وإلا لكان ذكرها عديم الفائدة. نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم حين امتنع من الدخول على قوم عندهم كلب.
فقيل له: إنك تدخل على آل فلان وعندهم هرة ؟!
فقال: إنها ليست بسبع، إنها من الطوافين عليكم والطوافات.
حيث ذكر ذلك جواب إنكار دخوله بيتا فيه هرة. فنبه على أن العلة كونها غير سبع . ولو لا قصد التعليل لما كان لإخباره بذلك وجه يقتضيه. كذا قيل.
والأولى: أن هذا مما أتي فيه بأحد حروف العلة، فيكون من الطرف الثاني من الصريح كما تقدم . ونحو ذلك كثير.
فهذه الوجوه كلها تنبيه نص على العلة، من حيث أنه لو لم يقصد فيها ذلك لكان ذكر هذه الأمور لغوا لا فائدة فيه، وكلام الحكيم منزه عن ذلك.
(( وثالثها )) أي: ثالث طرق العلة (( السبر والتقسيم )).
(( ويسمى )) هذا الطريق عند الأصوليين (( حجة الإجماع )) وليس بإجماع صريح. وإنما سمي بذلك لأنه يرجع في تعيين ما أدعي أنه العلة، إلى الاحتجاج بالإجماع على أنه لا بد لذلك الحكم من علة.
(( وهو )) أي: حجة الإجماع (( حصر الأوصاف في الأصل )). التي يمكن أن تكون علة. وهذا هو التقسيم.
(( ثم )) بعد ذلك الحصر (( إبطال التعليل بها )). أي: بتلك الأوصاف، (( إلا واحدا )) منها. (( فيتعين )) حينئذ كونه علة. وهذا هو السبر.
(( و)) الطريق إلى (( إبطال ما عداه )) يكون بأمور:
صفحة ٧٤