مثاله رواية أبي رافع رضي الله عنه، وميمونة رضي الله عنهما، أنه صلى الله عليه وآله وسلم نكحها وهما حلالان. على رواية ابن عباس رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وآله وسلم: نكحها وهو حرام. وذلك لقوة الظن. لأن العدد الأكثر أبعد من الخطأ، من العدد الأقل. ولأن كل واحد من الرواة يفيد ظنا، فإذا انضم إلى غيره قوي، حتى ينتهي إلى التواتر المفيد لليقين.
(( و)) منها: أنه يرجح أحد الخبرين المتعارضين (( بكونه )) _ أي الراوي لأحد المتعارضين _ (( أعلم بما يرويه )) من الراوي الآخر. بأن يكون ذا بصيرة في علم العربية، وعلم الشرائع والأحكام، دون الآخر، أو يزيد عليه في فطنة.
(( و)) منها (( ثقته )). بأن يكون أكثر ورعا، وتحرزا في دينه، (( وضبطه )) لما يرويه. دون الآخر. فإن رواية المتصف بهذه الأوصاف أرجح. إذ يغلب بذلك ظن الصدق. وهذه الأوصاف راجعة إلى شئ واحد. وهو كون أحد الراويين راجحا على الآخر، في وصف يغلب الظن بصدقه. والله أعلم.
وذلك كما يرجح ما يرويه علي كرم الله وجهه، على ما يرويه غيره من الصحابة رضي الله عنهم. وذلك ظاهر.
(( و)) منها (( كونه )) _ أي الراوي لأحد المتعارضين _
(( المباشر )) لما يرويه. دون الآخر. فإن روايته أرجح. مثال ذلك: ما رواه أبو رافع رضي الله عنه، مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنه نكح ميمونة رضي الله عنها عام قضى عمرة الحديبية، وهو حلال.
وروى ابن عباس رضي الله عنه: أنه نكحها وهو حرام. فإن رواية أبي رافع أرجح. لأنه المباشر إذ كان هو السفير بينهما. بخلاف ابن عباس. وذلك لأن المباشر أعرف بالحال.
(( أو )) كونه (( صاحب القصة )). فإن روايته أرجح أيضا. وذلك: كقول ميمونة رضي الله عنها: تزوجني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونحن حلالان. على رواية ابن عباس رضي الله عنه. فإن روايتها أرجح. إذ هي صحابة القصة. فهي أعرف منه بحالها.
صفحة ٢٢٢