وأما قوله: لأجل الوسوسة. فهو يعني به التفكر بالعقول يسميه وسوسة، فهو يدعو إلى إهمال العقول التي هي حجة الله على بني آدم، كما أن إهمالها سبب دخولهم جهنم قال تعالى: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}(1)، وقال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لايفقهون بها}(2)، وقال تعالى: {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا}(3)، ولعل المشركين لو استعملوا عقولهم لما أشركوا، فالنصارى لو نظروا أن عيسى وأمه من البشر كانا يأكلان الطعام لتأولوا الروايات التي تسميه: ابن الله، أو تسمي الله أباه سبحان الله وتعالى .
ولكنهم قبلوا الروايات عن عيسى التي فيها تسمية الله أبا، ولم يتأولوها لأنهم أهملوا عقولهم فجعلوه ابن الله غلوا فيه واتباعا للهوى وإهمالا للعقول.
*****
* قال مقبل: وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ((شفاعتي لأهل)
الكبائر من أمتي )).
والجواب: هذا الحديث لايصح وإن كان عند المخالفين مشهورا عن
أنس، لأنهم أهل البدعة وهو روايتهم يروونه لنصرة مذهبهم، والمبتدع لاتقبل روايته فيما يقوي بدعته، ولو صح الحديث لما كان دليلا على ما يريدون، لأنه يحمل على الشفاعة في تعجيل الحساب، أو يحمل على أنه مجمل لأنه لم يذكر فيه ماذا يطلب بالشفاعة، لم يذكر فيم يشفع لهم، فليس لكم أن تبينوا المجمل بأهوائكم أو بروايات غير صحيحة، وحاشا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يغري الأمة بالكبائر ويؤمنهم عقوباتها.
صفحة ٢٢