كشف المشكل من حديث الصحيحين
محقق
علي حسين البواب
الناشر
دار الوطن
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هجري
مكان النشر
الرياض
(قَالَت لَهُ وريا إِذا تنحنحا ...)
وَهَذَا الحَدِيث مَحْمُول على من جعل جَمِيع شغله حفظَة الشّعْر، فَلم يحفظ شَيْئا من الْقُرْآن وَلَا من الْعلم، لِأَنَّهُ إِذا امْتَلَأَ الْجوف بالشَّيْء لم يبْق فِيهِ سَعَة لغيره. قَالَ النَّضر بن شُمَيْل لم تمتلء أجوافنا من الشّعْر، فِيهَا الْقُرْآن وَغَيره. قَالَ: وَهَذَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة، وَأما الْيَوْم فَلَا. وَقَالَ أَحْمد بن حَنْبَل: أكره من الشّعْر الهجاء وَالرَّقِيق الَّذِي يشبب بِالنسَاء، فَأَما الْكَلَام الجاهلي فَمَا أنفعه.
قلت: فَأَما مَا رَوَاهُ الْكَلْبِيّ عَن أبي صَالح عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي ﷺ أَنه قَالَ: " لِأَن يمتلئ جَوف أحدكُم قَيْحا ودما خير لَهُ من أَن يمتلئ شعرًا هجيت بِهِ " فَإِنَّهُ حَدِيث بَاطِل؛ لِأَن الْكَلْبِيّ لَا يوثق بِهِ، وَحفظ بَيت من ذَلِك يَكْفِي فِي الذَّم دون تَعْلِيق ذَلِك بملء الْجوف. وَالصَّحِيح عِنْدِي مَا ذكرته أَولا، وَأَن المُرَاد بامتلاء الْجوف بالشعر حَتَّى لَا يكون لغيره مَوضِع. وَقد مدح رَسُول الله الشّعْر بقوله: " إِن من الشّعْر حِكْمَة " وَكَانَ يسمعهُ ويستنشده، وَكَانَ أَبُو بكر يَقُول الشّعْر، وَعمر وَعُثْمَان، وَكَانَ عَليّ أشعرهم. وَقَالَ حبيب بن أبي ثَابت: كَانَ ابْن
1 / 250