بالتكليف ومضى على ذلك الصدر الأول من علماء المسلمين وإلى أواخر أيام من كان ظاهرا من الأئمة المعصومين عليهم السلام أجمعين، فإنك تجد من نفسك بغير إشكال أنك لم تخلق جسدك ولا روحك ولا حياتك ولا عقلك ولا ما خرج عن اختيارك من الآمال والأحوال والآجال ولا خلق ذلك أبوك ولا أمك ولا من تقلبت بينهم من الاباء والأمهات لأنك تعلم يقينا أنهم كانوا عاجزين عن هذه المقامات ولو كان لهم قدرة على تلك المهمات ما كان قد حيل بينهم وبين المرادات وصاروا من الأموات فلم يبق مندوحة أبدا عن واحد منزه عن إمكان المتجددات خلق هذه الموجودات وإنما تحتاج إلى أن تعلم ما هو عليه جل جلاله من الصفات.
أقول: ولأجل شهادات العقول الصحيحة الصريحة والافهام الصحيحة بالتصديق بالصانع أطبقوا جميعا على فاطر وخالق وإنما اختلفوا في ماهيته وحقيقة ذاته وصفاته بحسب اختلافها الطرائق.
أقول: وإنني وجدت قد جعل الله جل جلاله في جملتي حكما أدركته عقول العقلاء فجعلني من جواهر وأعراض وعقل روحاني ونفس وروح فلو سألت بلسان الحال الجواهر التي هي في صورتي هل كان لها نصيب من خلقي وفطرتي لوجدتها تشهد لي بالعجز والافتقار وأنها لو كانت قادرة على هذا المقدار ما اختلف عليها الحادثات والتغيرات والتقلبات ووجدتها معترفة أنها ما كان لها حديث يفترى في تلك التدبيرات وأنها ما تعلم كيفية ما فيها من التركيبات ولا عدد ولا وزن ما جمع فيها من المفردات ولو سألت بلسان
صفحة ٨