هذا القول معتقد لدين الاسلام ويدعي أنه من العلماء والمعلمين وهو يجد في القرآن الشريف (فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله الذي فطر الناس عليها) هل ترى يا ولدي محمد أنه يجوز لمسلم أن يطعن بعد هذه الدلالة المشار إليها ويسترها عمن هو يحتاج إلى التنبيه عليها ويعلم من ولد على الفطرة ولا يعرفه المنة عليه في تلك الهداية التي من الله عليها ثم يتلو ويسمع ويعلم أن الله جل جلاله يقول لسيد المرسلين صلى الله عليه وآله (يمنون عليك أن أسلموا قل لا تمنوا علي إسلامكم بل الله يمن عليكم أن هداكم للايمان إن كنتم صادقين) وقال الله جل جلاله (ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا) فهل ترى يا ولدي المعرفة بالله إلا من الله وبالله وأنه جل جلاله هو الذي هدى (يهدي خ ل) للايمان بمقتضى القرآن وأنه هو صاحب المنة في التعريف وأنه لولا فضله ورحمته ما زكى من أحد في التكليف.
الفصل الثامن عشر: ومما يدلك يا ولدي حملك الله جل جلاله بإلهامك وإكرامك وجعلك من أعيان دار دنياك ودار مقامك أن المعرفة محكوم بحصولها للانسان دون ما ذكره أصحاب اللسان لأنهم لو عرفوا من مكلف ولد على الفطرة حر عاقل عقيب بلوغه ورشده بأحد أسباب الرشاد أنه قد ارتد بردة يحكم فيها ظاهر الشرع بأحكام الارتداد وأشاروا بقتله وقالوا قد ارتد عن فطرة الاسلام وتقلدوا إباحة دمه وماله وشهدوا أنه كفر بعد إسلام فلولا أن العقول قاضية بالاكتفاء والغناء بإيمان الفطرة ودون ما ذكروه من طول الفكرة كيف كان يحكم على هذا بالردة وقد عرفوا أنه ما يعلم حقيقة من حقائقهم ولا
صفحة ١١