الجواب: إنه يجوز؛ لأن اصطفاءه قضاؤه بأنه مرضي عنه وقضاؤه صفة ذات لا أول لها، وإن أريد بالقضاء والاصطفاء كتب ذلك في اللوح المحفوظ وإخبار الملائكة به فذلك فعل لا صفة، فلا يكون أزليا، أو قل: صفة فعل ولا نقض للأزل في ذلك لأنه حدوث، والأزل ما قبل الحدوث، بخلاف أمر ونهى نفيهما نقض اللازم لانتقاضهما مأمورا أو منهيا؛ لأن معنى الأمر والنهي في الأزل إنه لا أول للخلق، وأنه لم يزل الخلق يوجد ويفنى ولم يعدم ذلك قط، وذلك كفر ونفي للازم. وكذا نفى الأزل من قال بجهل إنه لا أول للأرض مثلا، والأزل وجود الله ولا شيء معه، وذلك قدم ولا قديم معه.
فصل: في تفسير قوله تعالى: {اليه يصعد الكلم الطيب ... } [سورة فاطر: 10] الآية ومعنى الحديث «إن الله نزل ليلة النصف من شعبان ... » الخ.
قال رضي الله عنه: أما قوله تعالى: {اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} فمعنى صعود الكلم فيه إلى الله قبوله والإنابة، فإن الله منزه عن التحيز في موضع، ومن لازم قبول الشيء أخذه، فذكر الملزوم بذكر اللازم، ولما كان الكلم الطيب مثل «لا إله إلا الله» لا ينفع بلا عمل صالح في حق من حيي حتى وجبت عليه الفرائض فعلا وتركا أسند الرفع إلى العمل الصالح.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: «ينزل الله ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا ... » الحديث فمعناه أن ملك الله ينزل فينادي عن الله: «من دعاني ... » إلى آخره، واستعارة تمثيلية مركبة من عدة أمور شبه إحداث أمور وإنهاءها أسفل بالنزول بها والله أعلم.
<1/ 39> باب في نفي الرؤية عن الله سبحانه وتعالى
قال رضي الله عنه بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
صفحة ٣٦