وكفى عيبا على الأشعرية أن يقولوا: من لم تبلغه دعوة نبي كائنا من كان وتركه فهو ناج ولو كان ذلك النبي نبي زمانه ولو لم يكن على دين نبي قبله، وسواء الأصول والفروع من التوحيد وتوابعه. وكان الشيخ عبد الله الفزاري إمام إخواننا أهل زوارة يقول: حجة الله قامت على المكلفين بسماع السامع منهم ولو لم يسمع الباقين منهم، فيطلق على من لم يسمع أنه سمع وإن سماع السامع ولو واحدا سماع لمن لم يسمع، وإن من سمع فسماعه بفضل الله، ومن لم يسمع قطع الله عذره لحكمه وعدله فهو معذب على الإشراك وعلى ترك الفرائض وعلى فعل المعاصي، كل ذلك بسماع السامع ولو لم يسمع هو، وسماع السامع سمع له وحقيقته هذا. وقولنا: نقطع عذر من لم يسمع وحده فما عيب عليهم عيب علينا ولو اختلفت الألفاظ وزادت ونقصت وإنما يتلخص عن ذلك بقول: إن من لم يسمع مكلف بالتوحيد لوجود أدلته على الخلق أينما كانوا ويناسبه «كل مولود يولد على الفطرة» وقوله تعالى: {فألهمها فجورها وتقواها} [سورة الشمس: 8] في أحد أوجه، وقوله تعالى: {ولقد اتينآ إبراهيم رشده} [سورة الأنبياء: 51] أو يتلخص بقولي ذلك مع ما ضممت إليه من أنه إذا أدرك التوحيد أداه إلى شكر المنعم فيخرج لينظره بما يشكره به، لكن مذهبنا أن شكر المنعم وجب بالشرع لا بالعقل. بقي صاحب الجزيرة الذي لا يجد الخروج ولعله لا يوجد.
صفحة ٢٨