كان أقرب كان أرفع ولو سواهم بالناس لما حرم عليهم الصدقة، وما هذا التحريم إلا لاكرامهم على الله، ولذلك قال للعباس حيث طلب ولاية الصدقات: لا أوليك غسالات خطايا الناس وأوزارهم بل أوليك سقاية الحاج والانفاق على زوار الله، ولهذا كان رباه أول ربا وضع ودم ربيعة ابن حارث أول دم أهدر، لأنهما القدوة في النفس والمال، ولهذا قال علي عليه السلام على منبر الجماعة: نحن أهل بيت لا يقاس بنا أحد، وصدق صلوات الله عليه كيف يقاس بقوم منهم رسول الله صلى الله عليه وآله والأطيبان: علي وفاطمة والسبطان الحسن والحسين، والشهيدان أسد الله حمزة وذو الجناحين جعفر، وسيد الوادي عبد المطلب وساقى الحجيج العباس، وحليم البطحاء والنجدة والخير فيهم، والأنصار أنصارهم والمهاجر من هاجر إليهم ومعهم، والصديق من صدقهم والفاروق من فرق بين الحق والباطل فيهم، والحواري حواريهم وذو الشهادتين لأنه شهد لهم، ولا خير إلا فيهم ولهم ومنهم ومعهم.
وقال صلى الله عليه وآله فيما أبان به أهل بيته: إني تارك فيكم الخليفتين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي. نبأني اللطيف الخبير انهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، ولو كانوا كغيرهم لما قال عمر حين طلب مصاهرة علي: انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي.
واعلم أن الرجل قد ينازع في تفضيل ماء دجلة على ماء الفرات، فان لم يتحفظ وجد في قلبه على شارب ماء دجلة رقة لم يكن يجدها، ووجد في قلبه غلظة على شارب ماء الفرات لم يكن يجدها، فالحمد لله الذي جعلنا لا نفرق بين أبناء نبينا ورسلنا، لنحكم لجميع المرسلين بالتصديق ولجميع السلف بالولاية، ونخص بنى هاشم بالمحبة ونعطي كل امرئ قسطه من المنزلة.
صفحة ٣١