وبعد فان الله سبحانه وله الحمد لما هداني إلى الصراط المستقيم، وسلك بي سبيل المنهج القويم، وجعل هواي في آل نبيه لما اختلفت الأهواء، ورأيي فيهم حيث اضطربت الآراء، وولائي لهم إذ تشعب الولاء، ودعائي بهم إذ تفرق الدعاء تلقيت نعمته تعالى بشكر دائم الامداد، وحمد متصل اتصال الآباد، واتخذت هديهم شريعة ومنهاجا، ومذهبهم سلما إلى نيل المطالب ومعراجا، وحبهم علاجا لداء هفواتي إذا اختار كل قوم علاجا، وصرحت بموالاتهم إذا ورى غيري أوداجي فهم صلى الله عليهم عدتي وعتادي، وذخيرتي الباقية في معادي، وأنسى إذا أسلمني طبيبي وانقضى تردد عوادي، وهداتي إذا جار الدليل وحار الهادي، أحد السببين الذين من اعتلق بهما فازت قداحه. وثاني الثقلين الذين من تمسك بهما أسفر عن حمد السرى صباحه محبتهم عصمة في الأولى والعقبى، ومودتهم واجبة بدليل (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) من أطاعهم فقد أطاع الله وراقبه، ومن عصاهم فقد جاهره بالعناد وحاربه، ونصب نفسه درأة لعقابه وعذابه حين ناصبه، جبال العلوم الراسخة وقلل الفخار الشامخة، وغرر الشرف البادية إذا انتسبوا عدوا المصطفى والمرتضى، وإذا فخروا على الأملاك انقادت وأعطت الرضى وإن جادوا بخلوا السحاب الماطر، وأخجلوا العباب الزاخر، وإن شجعوا أرضوا الأسمر الذابل، والأبيض الناضر، وإن قالوا نطقوا بالصواب وأتوا بالحكمة وفصل الخطاب، وعرفوا كيف تؤتى البيوت من الأبواب، وطبقوا المفصل في الابتداء والجواب، وما عسى أن تبلغ المدايح وإلى أين تنتهى الأفكار والقرائح، وكيف تنال الصفات قدر قوم أثنى عليهم القرآن ومدحهم الرحمان، فهم خيرته من العباد وصفوته من الحاضر والباد، بهم تقبل الأعمال وتصلح الأحوال، وتحصل السعادة والكمال
صفحة ٣