181

كشف الغمة

تصانيف

شم طاف بي جبريل في الجنة، بإذن الله تعالى، فما ترك فيها مكانا إلا رأيته، وأخبرني عنه، فرأيت القصور (76) من الدر والياقوت والزبرجد، ورأيت الأشجار من الذهب الأحمر، قضبانها اللؤلؤ، وعروقها الفضة الراسخة، فلأنا أعرف بكل درجة وقصر وبيت وخيمة وثمر في الجنة من بما في مسجدى نا.

ورأيت نهرا يخرج من أصله ماء، أشد بياضا من اللبن، وأحلى من العسل، على رضاض من المسك الأذفر، ودر وياقوت. فقال جبريل: هذا الكوثر الذى أعطاك الله تعالى، وهو التسنيم، يخرج من تحت العرش، إلى دورهم وقصورهم وبيوتهم وغرفهم، يمزجون به أشربتهم من العسل واللبن والخمر، وذلك قوله تعالى: (عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا) . ثم انطلق يطوف بي في الجنة، حتى انتهينا إلى شجرة، لم أر مثلها فى الجنة، فلما وقفت تحتها، رفعت رأسى، فلم أر شيئا من خلق (الله) غيرها، لعظمها، وتفرق أغصانها، ووجدت فيها ريحا طيبة، لم أشم في الجنة ريحا أطيب منها، فقلبت بصري فيها، فإذا هي ورقها حلل طرائف من ثياب الجنة، من بين أصفر وأحمر وأبيض وأخضر، وثمرها أمثال القلال العظام، من كل ثمرة خلق الله في السموات والأرضين، من ألوان شتى، وريح شتى، فعجبت من تلك الشجرة، وما رأيت من حسنها، قلت: وما هذه الشجرة؟ قال: هذه التى ذكرها تعالى

ولكثير من أمتك ورهطك حسن مقيل، ونعم طويل.

ورأيت فى الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، كل مفروع منه معد، ينظر به صاحبه، أولياء الله يجل، فتعاظمني الذى رأيت، وقلت: لمثل هذا فليعمل العاملون.

صفحة ٢٤٤