قالت سابيتا: «تقرئينه في الفراش وأنت مرتدية ثوب النوم.» ثم صححت سريعا: «وتفكرين كيف سأحطم ضلوعك بين ذراعي وأرضع من حلمتيك ...»
عزيزتي جوهانا
في رسالتك الأخيرة أسعدني كثيرا أن أومن بأن لي صديقا حقيقيا في هذا العالم، ألا وهو أنت. كثيرا ما تستولي علي وحدة هائلة على الرغم من حياتي الاجتماعية السربية ولا أعرف لي ملجأ.
على كل، لقد أخبرت سابيتا في رسالتي بشأن منعطف الحظ الطيب الذي وقع لي وكيف دخلت في مجال إدارة الفنادق. لم أخبرها في الحقيقة كم ساءت حالتي الصحية في الشتاء الماضي لأنني لا أريد أن أقلقها. ولا أريد أن أقلقك أنت أيضا، يا جوهانا العزيزة، أقول ذلك فقط لأخبرك أنني فكرت فيك كثيرا للغاية، واشتقت إلى رؤية وجهك الحلو الحبيب. حين أصابتني سخونة الحمى خيل إلي أنني حقا أراه قريبا مني وسمعت صوتك يخبرني بأنني سوف أتحسن قريبا وأحسست بيديك الطيبتين تسعفانني. كنت أنزل في بنسيون، وحين زالت عني الحمى كان في انتظاري الكثير من المشاكسات من نوع: من هي جوهانا تلك؟ لكنني كنت حزينا لأنني أفقت فلم أجدك هناك بجانبي. إنني لأتساءل حقا إن كان بوسعك أن تحلقي في الهواء لتكوني معي، حتى وإن كنت أعرف أن ذلك غير ممكن. صدقيني، صدقيني، إنني لا أرحب بأي إنسانة ولو كانت نجمة من نجمات السينما أكثر مما أرحب بك أنت. لا أدري إن كان علي أن أخبرك بالأشياء الأخرى التي تخيلتك تقولينها لي لأنها كانت في غاية العذوبة والحميمية، ولكن هذا قد يصيبك بالإحراج. لكم أكره أن أنهي هذه الرسالة لأنني أشعر الآن وكأنني أحيطك بذراعي وأنني أتحدث لك همسا في غرفة مظلمة تخصنا وحدنا أنا وأنت، ولكني لا بد أن أقول وداعا، والطريقة الوحيدة لأفعل ذلك هو أن أتخيلك تقرئين هذا ويتضرج وجهك. سيكون رائعا إذا كنت تقرئينه في فراشك وأنت مرتدية ثوب النوم وتفكرين كيف سأحطم ضلوعك بين ذراعي.
اح ... ك، كين بودرو
كان من المفاجئ على نحو ما ألا يكون هناك رد على هذه الرسالة. حين أتمت سابيتا كتابة نصف الصفحة الخاصة بها، وضعتها جوهانا في المظروف وعنونته وانتهى الأمر. •••
حين نزلت جوهانا عن القطار لم يكن يوجد أحد بانتظارها. لم تدع نفسها تقلق لهذا الشأن؛ فقد فكرت أن رسالتها ربما لا تصل، على كل حال، قبل أن تصل هي نفسها. (والحقيقة أن الرسالة وصلت، وكانت ترقد في صندوق البريد، لكن لم يتسلمها أحد؛ وذلك لأن كين بودرو، الذي لم تكن حالته الصحية في غاية السوء في الشتاء الماضي، مصاب الآن حقا بالتهاب شعبي حاد ولأيام عديدة لم يذهب لتسلم بريده. كان بريده في ذلك اليوم يضم مظروفا آخر، يحوي شيك السيد ماكولي. غير أن الأخير كان قد أوقف صرف الشيك من قبل.)
ما كان مقلقا أكثر لها هو أن المكان لم يظهر وكأنه بلدة. لم تكن المحطة سوى مأوى مسيجا بمقاعد طويلة على طول الجدران ومصاريع خشبية مسدلة على نافذة شباك التذاكر. كانت هناك سقيفة للشحن - افترضت هي أن هذه سقيفة شحن - ولكن الباب المنزلق المؤدي إليها لا يتزحزح من موضعه. اختلست نظرة من بين الألواح الخشبية إلى أن اعتادت عيناها على الظلمة بالداخل فرأت أن المكان خاو، بأرضية قذرة. لا صناديق حاوية ولا أثاث هناك. نادت: «هل من أحد هنا؟ هل من أحد هنا؟» مرات عديدة، ولكنها لم تتوقع إجابة.
وقفت على الرصيف وحاولت أن تملك زمام نفسها.
على بعد نصف ميل كان هناك تل هزيل، تلحظه العين مباشرة لأنه متوج بالأشجار. أما المسار الرملي المنظر الذي اتخذته، فقد اعتقدت، حين رأته من القطار من حارة خلفية مؤديا إلى حقل فلاح، أن هذا لا بد هو الطريق. الآن رأت الأشكال الخفيضة للمباني هنا وهناك ما بين الأشجار، وصهريج مياه بدا من بعيد وكأنه لعبة أطفال؛ جندي من الصفيح بساقين طويلتين.
صفحة غير معروفة