كنز الكتاب ومنتخب الآداب (السفر الأول من النسخة الكبرى)
محقق
حياة قارة
الناشر
المجمع الثقافي
مكان النشر
أبو ظبي
تصانيف
ابن عباس قال: إذا أعيتْكُم العربية في القرآن، فالتمسوها في الشعر، فإنه ديوان العرب.
قال أبو إسحاق:
فإن احتجَّ أحدٌ علينا بقول الله ﵎ (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) وبقول رسول الله ﷺ: "لأن يَمْتلىء
جوْفُ أحدكم قيحًا حتى يريه خيرٌ لَهُ من أن يَمْتَلِئَ شِعْرًا" قلنا له: أمَّا الآية، فإنما أنزلها سبحانه في
شعراء المشركين الذين كانوا يهجون رسول الله ﷺ والمؤمنين. والدليل على ذلك،
أَنَّ الله تعالى قد استثنى المؤمنين منهم، فقال في الآية الأخرى (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا). إلى آخر الآية. ومعنى: وانْتَصَروا
من بَعْدِ ما ظُلِمُوا، أي ردُّوا على الكفار الذين كانوا يهْجون النبي ﵇. قاله ابن عباس، وأما
الغاوون، فقال: هم الكُفَّار يتبعهم ضُلاّلُ الإنْسِ والجِنِّ. وقال ابن زيد: الغاوون والشعراء هاهنا
المُشْركون. لأنَّ الغاوي لا يَتْبَعُ إلاَّ غاويًا مِثله. وقال عكرمة: الغاوون عُصاة الجن. وروى عن
مجاهد نحوه، وعن مجاهد أيضا هم الذين يتبعونَهم ويروون شعرهم. وعن الطبري: الشعراء، شعراءُ
المشركين، يتبعهم غُواة النَّاس، ومَرَدةُ الشياطين، وعُصاة الجِن.
والمراد بقوله: "إلاَّ الذين آمنوا وَعملوا الصالحات" فيما روى عن ابن عباس: ابن رواحة وحسان بن
ثابث وكعب بن مالك.
1 / 143