الرسول الله صلى الله عليه واله مما ينسبونه إليه والذي ذكرناه في أمير المؤمنين عليه السلام اوضح من ان يشتبه الامر فيه اليس هو القائل لرسول الله صلى الله عليه واله انني لم ازل البارحة مفكرا فيما قلت لي فعرفت الحق والصدق في قولك وانا اشهد ان لا اله الله وحده لا شريك له وانك رسول الله فوقع منه الاقرار بالشهادة بعد فكر ليلة كاملة فكيف تصح من طفل كما زعمتم غير عاقل ان يفكر في صحة النبوة ليلة كاملة حتى حصل له العلم بصدق المخبر بها بعد طول الروية وهل بعد هذا لبس يعترض عاقلا الا هجر العصبية وقد روى اعجب منه عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال ان النبي صلى الله عليه واله عرض على علي عليه السلام الاسلام فقال له علي عليه السلام انظرني الليلة فقال له النبي صلى الله عليه واله هي امانة في عنقك لا تخبر بها احدا فلينظر الغافلون الى هذا الكلام الواقع منهما عليهما السلام وسؤال أمير المؤمنين عليه السلام له في التاجيل والانظار هذا وهو الذي كفله ورباه ولم يزل طائعا له في جميع ما يامره ويؤثره ويراه فلما اتاه الامر الذي راى ان الاقدام على الاقرار به من غير علم ويقين قبيح ساله التاجيل ثم قول النبي صلى الله عليه واله له انها امانة في عنقك لا تخبر بها احدا مما تشهد العقول باسرها انه لا يقال إلا لمميز يكون عقله كاملا ويزيد هذه الحال ايضا بيانا انه لما اسلم عليه السلام كان يخرج مع رسول الله صلى الله عليه واله الى شعاب مكة فمرة يصلي معه ومرة اخرى يرصد له حتى روى ان كل واحد منهما كان إذا صلى صاحبه حرسه ووقف يرصد له فهل يصح ان يختص بهذا الامر من لا عقل له لا ولكن قد يخفى صحته عمن لا عقل له والعجب ان مخالفينا يدفعون ان يكون اسلام أمير المؤمنين عليه السلام وهو ابن عشر سنين له فضيلة ورسول الله صلى الله عليه واله لم يدفع ذلك بل كان يعده له من اول الفضائل ويخبر به إذا مدحه واثنى عليه في المحافل والعجب انهم ينكرون علينا الاحتجاج بتقدم اسلامه وهو صلى الله عليه واله كان يحتج بذلك بين الصحابة ولا ينكره احد عليه ولا يقول له وما في هذا لك من الفضل وانما اسلمت وأنت طفل ليس لك عقل (فصل في البلوغ) وأما ما ظن الخصوم من ان البلوغ الى درجة التكليف هو الاحتلام وقولهم ان أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن بلغ وقت اسلامه مبلغ المحتلمين فلا يكون من المكلفين فظن غير صحيح ولو كان الامر كما زعموه لكان كل من بلغ الحلم مكلفا ونحن نعلم فساد ذلك لوجود بالغين من البله والمجانين غبر مكلفين والواجب الذي ليس عنه محيد ان يقال ان وجود العقل في الانسان وصحة التمييز منه والادراك شرط في وجوب تكليف العقليات من النظر والاستدلال ومعرفة ما لا يسع جهله من الامور الواجبات واعتقاد الحق باسره وادراك الصواب وشرط ايضا في صحة تعلق العبادات السمعيات وان كان اكثرها يسقط عمن لم يبلغ الاحتلام ولا يعلم سقوطه إلا من جهة السمع الوارد دون ما سواه ولم يكن للمشروع كله حاصلا في ابتداء البعثة ولا اتى الوحي وقت
--- [ 128 ]
صفحة ١٢٧