117

وامرها ان تجعل مهده جانب فراشه وكان يلى اكثر تربيته ويراعيه في نومه ويقظته ويحمله على صدره وكتفه ويحبوه بالطافه وتحفه ويقول هذا اخي وسيفي وناصري ووصيي فلما تزوج النبي صلى الله عليه واله خديجة عليه السلام اخبرها بوجده بعلي ومحبته فكانت تستزيده فتزينه وتحليه وتلبسه وترسله مع ولائدها ويحمله خدمها فيقول الناس هذا اخو محمد واحب الخلق إليه وقرة عين خديجة ومن اشتملت السعادة عليه وكانت الطاف خديجة تطرق منزل أبي طالب ليلا ونهارا وصباحا ومساء ثم ان قريشا اصابتها ازمة مهلكة وسنة مجدبة منهكة وكان أبو طالب رضي الله عنه ذا مال يسير وعيال كثيرة فأصابه ما اصاب قريشا من العدم والاضاقة والجهد والفاقة فعند ذلك دعى رسول الله صلى الله عليه واله عمه العباس فقال له يا أبا الفضل ان اخاك أبا طالب كثير العيال مختل الحال ضعيف النهضة والغرمة وقد ناله ما نزل بالناس من هذه الازمة وذوو الارحام احق بالرفد واولى من حمل محمل الكل في ساعة الجهد فانطلق بنا إليه لنعينه على ما هو عليه فلنحمل عنه بعض اثقاله وتخفف عنه من عياله ياخذ كل واحد منا واحدا من بنيه يسهل عليه بذلك بعض ما هو فيه فقال له العباس نعم ما رايت والصواب فيما اتيت هذا والله الفضل الكريم والوصل الرحيم فلقيا أبا طالب فصبراه ولفضل آبائه ذكراه وقالا انا نريد ان نحمل عنك بعض العيال فادفع الينا من اولادك من يخف عنك به الاثقال قال أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا وطالبا فافعلا ما شئتما فاخذ العباس جعفرا واخذ رسول الله صلى الله عليه واله عليا عليه السلام فانتجبه لنفسه واصطفاه لمهم امره وعول عليه سره وجهره وهو مسارع لمرضاته موفق السداد في جميع حالاته وكان رسول الله صلى الله عليه واله في ابتداء طروق الوحي إليه كلما هتف به هاتف أو سمع من حوله رجفة راجف أو راى رؤيا أو سمع كلاما يخبر بذلك خديجة وعليا عليهما السلام ويستسرهما هذه الحال فكانت خديجة تثبته وتصبره وكان علي يهنيه ويبشره ويقول له والله يا ابن العم ما كذب عبد المطلب فيك ولقد صدقت الكهان فيما نسبته اليك ولم يزل كذلك الى ان أمر صلى الله عليه واله بالتبليغ فكان اول من آمن به من النساء خديجة ومن الذكور أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعمره يومئذ عشر سنين (ومما عملته لبعض الاخوان كتاب الاعلام بحقيقة اسلام أمير المؤمنين عليه السلام) وبه نستعين بسم الرحمن الرحيم الحمد لله ذي الجود والاكرام الهادي الى شريعة الاسلام وصلاته على خيرته من جميع الانام سيدنا محمد رسوله وأهل بيته المطهرة من الاثام وسلام من الله على اول السابقين اسلاما وايمانا واخلص المصدقين اقرارا واذعانا وانصح الناصرين سرا واعلانا

--- [ 118 ]

صفحة ١١٧