وغلب الإمبراطور ووقع في الأسر، ونقل إلى فارس (260) كما سبق أن أشرنا، وارتطمت الدولة الرومانية، وقدر لأذينة صاحب تدمر أن يثبت مقدرته في الحرب والسياسة، فجعله غاليانوس إمبراطورا على جميع الولايات الشرقية،
36
ثم اغتاله أحد أنسبائه فتولى الحكم بعده وهبة اللات ابنه لزوجته زينب الشهيرة، ولما كان وهبة اللات لا يزال ولدا قاصرا تولت الحكم باسمه والدته زينب، واتسع سلطانها في هذه الحقبة، التي نحن في صددها حتى شمل جميع سورية ولبنان وفلسطين ومصر وقسما من آسية الصغرى، وتطورت علاقات تدمر مع رومة، فأعلنت زينب استقلالها في منتصف السنة 271، واتخذت لابنها لقب أوغوسطوس بالإضافة إلى لقب إمبراطور، وهرع أوريليانوس الإمبراطور الروماني إلى قتال زينب، فتمكن من إذلالها والدخول إلى عاصمتها واقتيادها إلى رومة أسيرة في أواخر هذه السنة نفسها،
37
وهكذا فتكون الفترة التي ساد فيها نفوذ تدمر هي الفترة نفسها التي تولى فيها بولس السميساطي أسقفية أنطاكية.
بولس السميساطي أسقف أنطاكية (260-268)
ولا نعلم شيئا عن أصل هذا الأسقف سوى اسم المدينة سميساط التي انتمى إليها،
38
ويجوز «الافتراض» أن بولس هذا عرف أشياء عن اليهود ودينهم وعن التوراة قبل وصوله إلى الكرسي الرسولي في أنطاكية، وأن زينب التي اشتهرت بعطفها على اليهود عاونت بولس بنفوذها على الوصول إلى رئاسة كنيسة أنطاكية؛ لتضمن بذلك تعاونا وثيقا بينها وبين المسيحيين في عاصمة الشرق،
39
صفحة غير معروفة