الكامل في التاريخ
محقق
عمر عبد السلام تدمري
الناشر
دار الكتاب العربي
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧هـ / ١٩٩٧م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
التاريخ
[ذِكْرُ مُلْكِ لَهْرَاسِبَ وَابْنِهِ بَشْتَاسِبَ وَظُهُورِ زَرَادُشْتَ]
قَدْ ذَكَرْنَا أَنْ كَيْخِسْرُو لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ عَهِدَ إِلَى ابْنِ عَمِّهِ لَهْرَاسِبَ بْنِ كَيُوخَى بْنِ كَيْكَاوُوسَ، فَهُوَ ابْنُ كَيْكَاوُوسَ، فَلَمَّا مَلَكَ اتَّخَذَ سَرِيرًا مِنْ ذَهَبٍ وَكَلَّلَهُ بِأَنْوَاعِ الْجَوَاهِرِ وَبُنِيَتْ لَهُ بِأَرْضِ خُرَاسَانَ مَدِينَةُ بَلْخَ وَسَمَّاهَا الْحَسْنَاءَ، وَدَوَّنَ الدَّوَاوِينَ، وَقَوَّى مُلْكَهُ بِانْتِخَابِهِ الْجُنُودَ، وَعَمَّرَ الْأَرْضَ، وَجَبَى الْخَرَاجَ لِأَرْزَاقِ الْجُنْدِ.
وَاشْتَدَّتْ شَوْكَةُ التُّرْكِ فِي زَمَانِهِ فَنَزَلَ مَدِينَةَ بَلْخَ لِقِتَالِهِمْ، وَكَانَ مَحْمُودًا عِنْدَ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ شَدِيدَ الْقَمْعِ لِأَعْدَائِهِ الْمُجَاوِرِينَ لَهُ، شَدِيدَ التَّفَقُّدِ لِأَصْحَابِهِ، بَعِيدَ الْهِمَّةِ، عَظِيمَ الْبُنْيَانِ، وَشَقَّ عِدَّةَ أَنْهَارٍ، وَعَمَّرَ الْبِلَادَ وَحَمَلَ إِلَيْهِ مُلُوكُ الْهِنْدِ، وَالرُّومِ، وَالْمَغْرِبِ الْخَرَاجَ، وَكَاتَبُوهُ بِالتَّمْلِيكِ هَيْبَةً لَهُ وَحَذَرًا مِنْهُ.
ثُمَّ إِنَّهُ تَنَسَّكَ، وَفَارَقَ الْمُلْكَ، وَاشْتَغَلَ بِالْعِبَادَةِ، وَاسْتَخْلَفَ ابْنَهُ بَشْتَاسِبَ فِي الْمُلْكِ، وَكَانَ مُلْكُهُ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَلَكَ بَعْدَهُ ابْنُهُ بَشْتَاسِبُ، وَفِي أَيَّامِهِ ظَهَرَ زَرَادُشْتُ بْنُ سَقِيمَانَ الَّذِي ادَّعَى
1 / 225