فآخى بين أبي بكر وعمر ، وبين طلحة والزبير ، وبين عبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان ، وبين سعد بن أبي وقاص ومعاذ بن جبل ، وآخا بين نفسه - صلوات الله عليه - وبين علي بن أبي طالب(1) ؛ إذ لم يكن له كفوا في جميع الأرض غيره ، ولا نظير له فيهم غيره ، وكان كل واحد منهم برا بأخيه ، مصفيا له هواه ، مائلا إليه بوده ، ولا يؤثر عليه غيره))(2) .
ومن خلال هذا الحديث - حديث المؤاخاة - نرى أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يؤاخ بين أبي بكر وعمر إلا لمعرفته بما يضمرانه من ضغون تجاه الإمام علي عليه السلام ، ولمعرفته صلى الله عليه وآله وسلم بأن أبو بكر سيؤثر صاحبه عمر على نفسه ، ولهذا قال الإمام علي عليه السلام لعمر في حادثة السقيفة :((احلب حلبا لك شطره)) . بل نجد أن عمر نفسه استدرك من مؤاخاته صلى الله عليه وآله وسلم بين الصحابة فالتجأ بسياسته لجعل الأمر شورى بين ستة كما بينه الإمام القاسم بن إبراهيم في الجزء الثالث من هذا الكتاب .
حديث الحدائق السبع:
ومما يؤيد ذلك الرواية المشهورة التي نقلها أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مر ومعه علي بن أبي طالب بحديقة من نخل، ومعه غيره، فقال علي: يا رسول الله؛ ما أحسن هذه الحديقة.
فقال:((يا أبا الحسن؛ حديقتك في الجنة أحسن منها)).
ثم مر بأخرى فقال: يا رسول الله؛ ما أحسن هذه الحديقة.
فقال:((يا أبا الحسن؛ حديقتك في الجنة أحسن منها)).
ثم مر بأخرى فقال له النبي عليه وآله السلام مثل ذلك حتى مر بسبع حدائق، كل ذلك يقول له علي مثل ذلك، فيقول له النبي عليه وآله السلام مثل ذلك.
ثم بكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال له علي: ما يبكيك يا رسول الله؟
صفحة ٢٦