عقله، وأين بلغ من الحكمة فهمه. قالوا: أيها الحكيم الفاضل، واللبيب العاقل، والذي وهب لك ما منحك من الحكمة والعقل والأدب والفضيلة، ما خطر هذا بقلوبنا ساعةً قط. وأنت رئيسنا وفاضلنا، وبك شرفنا، وعلى يدك انتعاشنا. ولكن سنجهد أنفسنا فيما أمرت. ومكث الملك على ذلك من حسن السيرة زمانًا يتولى ذلك له بيدبا ويقوم به.
ثم إن الملك دبشليم لما استقر له الملك، وسقط عنه النظر في أمور الأعداء بما قد كفاه ذلك بيدبا، صرف همته إلى النظر في الكتب التي وضعتها فلاسفة الهند لآبائه وأجداده؛ فوقع في نفسه أن يكون له أيضًا كتابٌ مشروحٌ ينسب إليه وتذكر فيه أيامه كما ذكر آباؤه وأجداده من قبله. فلما عزم على ذلك، علم أنه لا يقوم ذلك إلا ببيدبا: فدعاه وخلا به؛ وقال له: يا بيدبا، إنك حكيم الهند وفيلسوفها. وإني فكرت ونظرت في خزائن الحكمة التي كانت للملوك قبلي؛ فلم أر فيهم أحدًا إلا وضع كتابًا يذكر فيه أيامه وسيرته، وينبئ عن
1 / 35