122

الكافل -للطبري

تصانيف

وأما في اصطلاح أهل الشرع فإنه عام وخاص فالعام (هو اتفاق) جميع (المجتهدين) فيما أجمعوا عليه قولا أو فعلا أو اعتقادا أو غيره سكوتا أو تقريرا ولو عبيدا أو نساء إذ لم يفصل الدليل فلا ينعقد مع خلاف أحد ممن ذكر ويشمل مجتهد التابعين لذلك ولاشتهار انتصابهم للفتيا واقتعادهم دست العلماء كما روي أن أنس بن مالك رجع إلى الحسن وابن عمر سئل عن فريضة فقالوا سلوا سعيد بن جبر فإنه أعلم بها وسئل بن عباس عن النذر بذبح الولد فقال مشيرا إلى سؤال مسروق (1)ثم أتاه السائل بجوابه فتابعه وأمير المؤمنين عليه السلام جعل شريحا على ولاية القضاء وكان يحكم باجتهاده في زمانه وكذلك عمر فإنه بعثه للقضاء في الكوفة ولم يعترضاه فيما خالفهما فيه باجتهاده إلى غير ذلك من الوقائع التي لا تحصى كثرة فتسويغ الصحابة اجتهاد غيرهم دليل اعتباره وظاهر العبارة يشمل مجتهدي الجن وهو خلاف الصحيح لتعذر عرفان ما عندهم وقد كلفنا العمل به فيؤدي اعتبارهم إلى التكليف بما لا يطاق ولا يجوز وأما في حقهم فيعتبر مجتهدونا لا مكان الاطلاع منهم وقول بعض الشراح أن ظاهره يقضي بأنه لا ينعقد بدون أقل الجمع فيه إن أل جنسية مبطلة لمعنى الجمعية كما ذكروا في ?والله يحب المحسنين? [آل عمران/134]إلا أن لفظ اتفاق مشعر بأنه لا ينعقد إلا باثنين فصاعدا لكنه يكون حجة حيث لم يبق إلا مجتهد لمضمون دليل الإجماع وهو أنه لا يخرج الحق عن هذه الأمة فلو لم يكن حقا لخولف مضمون السمعي (العدول) فلا يعتبر كافر التصريح وفاسقه. قال في الفصول : إجماعا وكذا المتأول عند جمهور أئمتنا عليهم السلام ولذا إن الأمة إذا اختلفت على قولين ثم فسق إحدى الطائفتين صار إجماعا في الأصح والله أعلم. ولعل تردد المصنف في قبول روايته يأتي هنا والله أعلم.(من أمة محمد ) فيخرج المجتهدون من أرباب الشرائع السالفة فهو من خواص هذه الأمة (في) أي (عصر) فيندرج فيه اتفاق مجتهدي كل عصر ولو لم يذكر في أي عصر لأوهم أنه لا ينعقد إلا باتفاق مجتهدي جميع الأعصار إلى يوم القيمة لعموم لفظ المجتهدين (على) أي (أمر) فيشمل الديني كالصلاة والزكاة والدنيوي كتدبير الجيوش والحروب وأمر الرعية وظاهر العبارة جواز انعقاده في زمنه كما نقل القرافي (1) عن ابن اسحاق وابن برهان (1) لأن عموم أدلته متناول لما في زمنه وبعده والمشهور أنه لا بد وأن يكون بعده لأنه لو كان في عصره [*] فإن وافقهم فالحجة قوله أو فعله أو تقريره وإن خالفهم فلا اعتبار بقولهم دونه مع امتناعه منهم وفيه بحث. والخاص هو اتفاق مجتهدي عترة الرسول بعده في عصر على أمر وقد تقدم بيانهم

(و) قد فهم من الحد ما هو (المختار) عند أئمتنا عليهم السلام والجمهور من (أنه لا يشترط في انعقاده) وصيرورته حجة عدد التواتر ولا (انقراض العصر) أي عصر المجمعين فإذا انعقد ولو حينا يسيرا لم يجز لهم ولا لغيرهم مخالفته.

وقال ابن حنبل وابن فورك :بل يشترط. قلنا :لم تفصل أدلته بين ما انقرض عصره وما لم ينقرض ولأنه يلزم ألا ينعقد إجماع لتداخل القرون (ولا لكونه لم يسبقه) أي الإجماع (خلاف) مستقر من المجمعين أو من غيرهم فإجماعهم وإجماع غيرهم على أحد قولين أو أقوال أو على غيرها صحيح ما لم يجمع أهل الخلاف على عدم جواز القول بغيرها وإلا امتنع لما سيأتي إن شاء الله تعالى من امتناع الإجماع بعد الإجماع على خلافه.

صفحة ١٤٣