الكافي في فقه ابن حنبل
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الفقه الحنبلي
والثانية: زكاته على المدين؛ لأنه ملك ما ملك عليه قبل قبضه منه، فكأنه لم يزل ملكه عنه.
ويحتمل أن لا تجب الزكاة على واحد منهما؛ لأن المبرئ لم يقبض شيئًا، ولا تجب الزكاة على رب الدين قبل قبضه، والمدين لم يملك شيئًا؛ لأن من أسقط عنه شيئًا لم يملكه بذلك، فأما ما سقط من الصداق قبل قبضه بطلاق الزوج فلا زكاة فيه؛ لأنها لم تقبضه، ولم يسقط بتصرفها فيه، بخلاف التي قبلها، وإن سقط لفسخها النكاح احتمل أن يكون كذلك؛ لأنها لم تتصرف فيه، واحتمل أن يكون كالموهوب؛ لأن سقوطه بسبب من جهتها.
فصل:
الشرط الرابع: الغنى، بدليل قول النبي ﷺ لمعاذ بن جبل: «أعلمهم أن عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم» متفق عليه؛ ولأن الزكاة تجب مواساة للفقراء، فوجب أن يعتبر الغنى، ليتمكن من المواساة، والغنى المعتبر: ملك نصاب خال عن دين، فلا يجب على من لا يملك نصابًا، لما روى أبو سعيد عن النبي ﷺ أنه قال: «ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمسة ذود صدقة ولا فيما دون خمسة أواق صدقة» متفق عليه. ومن ملك نصابًا، وعليه دين يستغرقه أو ينقصه فلا زكاة فيه، إن كان من الأموال الباطنة وهي الناضّ وعروض التجارة رواية واحدة؛ لأن عثمان بن عفان ﵁ قال بمحضر من الصحابة: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤده حتى تخرجوا زكاة أموالكم. رواه أبو عبيد في الأموال ولم ينكر، فكان إجماعًا؛ ولأنه لا يستغني به، ولا تجب الصدقة إلا عن ظهر غنى، وإن كان من الأموال الظاهرة وهي المواشي والزروع والثمار ففيه ثلاث روايات:
إحداهن: لا تجب فيها الزكاة لذلك.
والثانية: فيها الزكاة؛ لأن النبي ﷺ كان يبعث سعاته، فيأخذون الزكاة من رؤوس الأموال الظاهرة، من غير سؤال عن دين صاحبه، بخلاف الباطن.
الثالثة: أن ما استدانه على زرعه لمؤنته حسبه، وما استدان لأهله لم يحسبه؛ لأنه ليس من مؤونة الزرع فلا يحسبه على الفقراء. فإن كان له مالان من جنسين، وعليه دين يقابل أحدهما؛ جعله في مقابلة ما يقضي منه، وإن كانا من جنس، جعله في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته تحصيلًا لحظهم.
فصل:
وتجب الزكاة على مال الصبي والمجنون. لما روي عن النبي ﷺ أنه قال: «ابتغوا
1 / 381