354

الكافي في فقه ابن حنبل

الناشر

دار الكتب العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٤ هجري

مكان النشر

بيروت

وأعمقوا» رواه أبو داود، قال أحمد يعمق إلى الصدر؛ لأن الحسن وابن سيرين كانا يستحبان ذلك، ولأن في تعميقه أكثر من ذلك مشقة، وقال أبو الخطاب: يعمق قدر قامة وبسطة والسنة أن يلحد له، لقول سعد بن مالك: «ألحدوا لي لحدًا، وانصبوا علي اللبن نصبًا، كما صنع برسول الله ﷺ» . رواه مسلم.
قال أحمد ﵁: ولا أحب الشق، لقول النبي ﷺ: «اللحد لنا والشق لغيرنا» رواه أبو داود. ومعنى الشق أنه إذا وصل إلى الأرض شق في وسطه شقًا نازلًا، فإن كانت الأرض رخوة لا يثبت فيها اللحد شق فيها للحاجة.
فصل:
ولا يدفن في القبر اثنان؛ لأن النبي ﷺ كان يدفن كل ميت في قبره، فإن دعت الحاجة إليه جاز؛ لأن النبي ﷺ «لما كثر القتلى يوم أحد، كان يجمع بين الرجلين في القبر الواحد، ويسأل أيهم أكثر أخذًا للقرآن؟ فيقدمه في اللحد» . حديث صحيح. ويقدم أفضلهم إلى القبلة للخبر، ويجعل بين كل اثنين حاجزًا من تراب، ليصير كل واحد منفردًا كأنه في قبر منفرد، وإن دفن رجل وصبي وامرأة في قبر واحد جعل الرجل في القبلة، والصبي خلفه، والمرأة خلفهما، وقال الخرقي: تقدم المرأة على الصبي، وقال أحمد: وإن حفروا شبه النهر رأس هذا عند رجل هذا جاز، ويجعل بينهما حاجز لا يلصق أحدهما بصاحبه، فإن مات له أقارب بدأ بمن يخاف تغيره، فإن استووا بدأ بأقربهم إليه على ترتيب النفقات، فإن استووا قدم أسنهم وأفضلهم.
فصل:
ولا توقيت في عدد من يدخل القبر، إنما هو بحسب الحاجة إليه، نص عليه.
ويسل الميت من قبل رأسه، وهو أن يجعل رأسه عند رجلي القبر، ثم يسل سلًا؛ لأن النبي ﷺ سل من قبل رأسه، وإن كان الأسهل غير ذلك فعل الأسهل ويقول الذي يدخله، بسم الله، وعلى ملة رسول الله ﷺ، لما روى ابن عمر أن النبي ﷺ كان يقوله إذا أدخل الميت القبر من " المسند "، ويضعه في اللحد على جانبه الأيمن، مستقبل القبلة، لقول النبي ﷺ: «إذا نام أحدكم فليتوسد يمينه» ويتوسد رأسه بلبنة أو نحوها كالحي إذا نام ويجعل خلفه تراب يسنده لئلا يستلقي على قفاه، وإن وطأ تحته بقطيفة فلا بأس؛ لأن النبي ﷺ ترك تحته قطيفة كان يفترشها، وينصب عليه اللبن نصبًا لحديث سعد، وإن جعل عليه: طن قصب جاز، لما روى عمرو بن شرحبيل أنه قال: إني رأيت المهاجرين يستحبون ذلك.

1 / 371