الكافي في فقه ابن حنبل
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٤ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الفقه الحنبلي
قال: كفنوني في ثوبي هذين، فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت، والأفضل تكفينه في ثلاث لفائف بيض، لقول عائشة ﵂: «كفن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسيلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة» . متفق عليه. ولأن حالة الإحرام أكمل أحوال الحي، وهو لا يلبس المخيط فيها، فكذلك حال موته.
والمستحب أن يؤخذ أحسن اللفائف وأوسعها، فيبسط على بساط ليكون الظاهر للناس أحسنها؛ لأن هذه عادة الحي، ثم تبسط الثانية فوقها، ثم الثالثة فوقهما، ويذر الحنوط والكافور فيما بينهن، ثم يحمل الميت فيوضع عليهن مستلقيًا، ليكون أمكن لإدراجه فيها، ويجعل ما عند رأسه أكثر مما عند رجليه، ويجعل بقية الحنوط والكافور في قطن، ويجعل من بين أليتيه برفق، ويكثر ذلك ليرد شيئًا إن خرج حين تحريكه، ويشد فوقه خرقة مشقوقة الطرف، كالتبان تأخذ أليتيه ومثانته، ويجعل الباقي على منافذ وجهه ومواضع سجوده، ويجعل الطيب والذريرة في مغابنه ومواضع سجوده، تشريفًا لهذه الأعضاء التي خصت بالسجود، ويطيب رأسه ولحيته؛ لأن الحي يتطيب هكذا. وإن طيب جميع بدنه كان حسنًا، ولا يترك على أعلى اللفافة العليا ولا النعش شيء من الحنوط؛ لأن الصديق ﵁ قال: لا تجعلوا على أكفاني حنوطًا. ثم يثني طرف اللفافة العليا على شقه الأيمن، ثم يرد طرفها الآخر على شقه الأيسر فوق الطرف الآخر ليمسكه إذا أقامه على شقه الأيمن، ثم يفعل بالثانية والثالثة كذلك، ثم يجمع ذلك جمع طرف العمامة فيرده على وجهه ورجليه، إلا أن يخاف انتشارها فيعقدها، وإذا وضع في القبر حلها. ولا يخرق الكفن؛ لأن تخريقه يفسده. ولا يجب الطيب؛ لأن النبي ﷺ لم يأمر به، ولأنه لا يجب على الحي، فكذلك على الميت. ولا يزاد الكفن على ثلاثة أثواب لأنه إسراف لم يرد الشرع به.
فصل:
وإن كفن في قميص ومئزر ولفافة جاز؛ «لأن النبي ﷺ ألبس عبد الله بن أبي قميصه كفنه فيه» متفق على معناه. ويجعل المئزر مما يلي جلده، ولا يزر عليه القميص، فإن تشاح الورثة في الكفن، جعل ثلاث لفائف على حسب ما كان يلبس في حياته، وإن قال أحدهم: يكفن من ماله، وقال الآخر: من مال السبيل، كفن من ماله لئلا يتعير بذلك. ويستحب تجمير الكفن ثلاثًا؛ لأن جابرًا روى أن النبي ﷺ قال: «إذا جمرتم الميت فجمروه ثلاثًا» .
فصل:
وتكفن المرأة في خمسة أثواب، مئزر تؤزر به، وقميص تلبسه بعده، ثم تخمر
1 / 360