وعن ابن عباسٍ أنَّه كان إذا أكثر الكلام في القُرآن والسنن قال لِمَن عنده: «احمضوا بنا - أي: نوصوا [بنا] في الشعر والأخبار» (١)، وأصل ذلك أنَّ الإبل إذا أكثَرت الرعي في النبات الحلو أخرَجُوها إلى ما فيه حموضة؛ خَوفًا عليها من الهلاك.
ورُوِيَ: إنَّ في صحيفةٍ لآل داود - صلَّى الله على نبينا وعليه وعلى سائر الأنبياء وسلَّم -: "لا ينبغي للعاقل الكامل أنْ يخلي نفسَه من واحدةٍ من أربع: [ز١/ ٤٠/ب] عمل لمعادٍ، أو صَلاح لمعاشٍ، أو فكر يَقِفُ به على ما يصلحه ممَّا يفسده، أو لذَّة في غير كرمٍ يستعينُ بها على الحالات الثلاث» (٢).
وروى الخطيب عن علي: "رَوِّحوا القُلُوب وابتغوا لها طَرائف الحكمة؛ فإنها تَمَلُّ كما تَمَلُّ الأبدان" (٣).
وقال غيرُه: "رَوِّحوا القلوب تَعِي الذِّكرَ" (٤)، وقال الزهري: "كان رجلٌ يُجالِس أصحابَ رسولِ الله ﷺ ويُذاكِرهم، فإذا كثُر
_________
(١) لم أقفْ عليه، وأخرج البيهقي في "المدخل إلى السنن الكبرى" (١/ ٣٦٠ رقم ٦٠٧)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (٢/ ١٢٩ رقم ١٣٩٢) نحوه عن الزهري بلفظ: "كان الزهري إذا سُئِلَ عن الحديث يقول أحمضونا، قال أبو أحمد: وذلك أنَّ الإبل ترعى الخلة وهو ما خلا من النبت فتسأمه، فترعى الحمض وهو الشورق، فإذا اختلفا منه اشتهت الخلة فترد إلى الخلة، فكذا قال: أحمضونا ... الحديث حتى تتفتَّح النفس"، ورواية الخطيب: "كان يقول لأصحابه: هاتوا من أشعاركم، هاتوا من حديثكم؛ فإنَّ الأذن مجة والقلب حمض".
(٢) لم أقفْ عليه.
(٣) أخرجه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (٢/ ١٢٩ رقم ١٣٨٩)، وأبو سعدٍ السمعاني في "أدب الاملاء والاستملاء" (١/ ٦٨) عن عليٍّ ﵁ موقوفًا.
(٤) أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (٧/ ١٧٧ رقم ٣٥١١٥)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (٣/ ١٠٤)، والخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع" (٢/ ١٢٩ رقم ١٣٩٠) عن قسامة بن زهير.
1 / 159