الفصل الثاني: في كتابه
المبحث الأول: الأجزاء الحديثية، وأهمّيّتها العلميّة والاستخراجيّة
إن رواة السنة وحفاظ الحديث نهجوا في تدوين السنة والأثر طرقًا متعددة منها: التأليف على طريقة الأجزاء الحديثية.
والجزء عرّفه الشيخ محمد عبد الرحمن المباركفوري بقوله: “الجزء - في اصطلاحهم ـ: تأليف الأحاديث المروية عن رجل واحد، سواء كان ذلك الرجل من الصحابة أو من بعدهم، كجزء حديث أبي بكر وجزء حديث مالك ... وقد يختارون من المطالب الثمانية -المذكورة في صفة الجامع- مطلبًا جزئيًا يصنفون فيه ...” ١.
_________
١ مثّل ﵀ لما ذكره بجزء (رؤية الله تعالى) للآجري، انظر مقدمة تحفة الأحوذي ص (٦٧)، وقد ذكر ستة أقسام للتصنيف الحديثي، وذكر رابع أقسامها: الأجزاء، ثم لم يسم القسمين الخامس والسادس، مع كونه ختم الكلام بأنها ستة، والذي يظهر لي - والله أعلم - في هذين القسمين الخامس والسادس أنهما امتداد للقسم الرابع ويشملهما مسمى (الجزء)، فالخامس هو ما ذكره بقوله السابق: (وقد يختارون ... الخ)، والسادس ذكر فيه الأربعينيات: المشتملة على أربعين حديثًا.
ولعل تقدير عدد أوراق الجزء بعشرين ورقة - كما في السير ٢٠/٥٥٨ - مراد به - والله أعلم - الحد الأعلى وربما زاد على ذلك فيوصف بالجزء الضخم - كما في ترجمة السلفي في السير ٢١/١٦ - والجزء في معنى (الصحيفة) التي هي - في المصطلح الشائع - ما يضم مجموعة من الأحاديث يرويها الصحابي عن النبي ﷺ مباشرة، يكتبها الراوي عنه، أو من دونه، ومثلها (النسخة)، وهي مُتوحّدة الإسناد، فإذا كانت متعدّدة الإسناد فهي (جزء) أو "أحاديث فلان" انظر معرفة النسخ والصحف الحديثية ص٢٣، وفي كتاب توثيق النصوص وضبطها ص ٢٢٦ أن العدد “أمر مختلف فيه؛ فمنهم من جعله عشر أوراق، ومنهم اثنتي عشرة ورقة ... وهكذا”.
1 / 181