- الخف هو لباس القدم الساتر للكعبين، وأخذ من الخِفَّة لأن الحكم فيه يخفف من الغسل إلى المسح رخصة.
حكمه: يجوز المسح على الخفين في الوضوء لا الغسل في سفر وحضر للرجال والنساء.
دليله: ثبتت مشروعية المسح على الخفين بأحاديث كثيرة بلغت حد التواتر فزادت على ثمانين حديث. لذا يُخشى على من أنكر مشروعيته الكفر. ولو اعتقد المكلف جوازه ولكن تكلَّف نزعه يثاب على العزيمة.
ومن الأدلة: ما روى المغيرة بن شعبة ﵁ قال: كنت مع النبي ﷺ في سفر، فأهويت لأنزع خفيه فقال: (دَعْهما فإني أدخلتهما طاهرتَيْن، فمسح عليهما) (١) . وعن صفوان بن عسال ﵁ قال: (كان رسول الله ﷺ يأمرنا إذا كنا سَفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم) (٢) . وقال الإمام أبو حنيفة ﵁: "ما قلت بالمسح حتى جاءني فيه مثلُ ضوءِ النهار".
(١) البخاري: ج ١ / كتاب الوضوء باب ٤٨/٢٠٣. (٢) الترمذي: ج ١ / أبواب الطهارة باب ٧١/٩٦.
شروط جواز المسح على الخفين:
-١ - لبسهما بعد رفع الحدث عن القدمين، لقول رسول الله ﷺ في الحديث المتقدم: (دَعْهما فإني أدخلتهما طاهرتين) يعني قدميه.
-٢ - كون الخفين ساترين للكعبين من الجوانب.
-٣ - إمكان متابعة المشي فيهما فرسخًا أي ما يقدر بـ (٥. ٥) كم تقريبًا.
-٤ - خلوّ كلّ منهما عن خَرْقٍ يزيد على ثلاث أصابع من أصغر أصابع القدم.
-٥ - استمساكهما على الرجلين من غير شدِّ.
-٦ - أن لا يشفّا الماء، فيجب أن يمنعا وصول الماء إلى القدمين.
-٧ - أن يبقى من قدمه ما يكفي للمسح، فإن كان مقطوع مقدم القدم لا يمسح الباقي بل يغسل.
مدة المسح على الخفين:
يمسح المقيم يومًا وليلى، ويمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليهن، لما روي عن شريح بن هانئ قال: أتيت عائشة ﵂ أسألها عن المسح على الخفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسله فإنه كان يسافر مع رسول الله ﷺ فسألناه فقال: (جعل رسول الله ﷺ ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويومًا وليلة للمقيم) (١) .
ولو مسح المكلف وهو مقيم ثم سافر تمم المدة إلى ثلاثة أيام، ولو مسح وهو مسافر ثم أقام بعد يوم وليلة انتهت مدة المسح.
أما المعذور فإذا لبس الخفين أثناء انقطاع عذره فمدة مسحه كغيره، وإن لبسهما أثناء استمرار عذره انتهت مدة المسح في آخر الوقت الذي توضأ فيه.
وتبدأ مدة المسح من وقت الحدث الحاصل بعد لبس الخفين، لأنه منذ وقوع الحدث بدأ عمل الخفين في منع سراية الحدث إلى الرجلين، فيصح لذلك رفع الحدث عنهما بالمسح دون الغسل. وقيل: إنها تبدأ من وقت لبس الخفين، وقيل أيضًا إنها تبدأ من أول وضوء بعد لبسهما.
(١) مسلم: ج ١ / كتاب الطهارة باب ٢٤/٨٥.
محل المسح على الخفين وكيفيته:
إن المطلوب هو مسح ظاهر الخفين وأعلاهما فقط، لما روي عن علي ﵁ قال: (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخفّ أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله ﷺ يمسح على ظاهر خفيه) (١) .
والمقدار المفروض مسحه هو ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد.
كيفيته المسنونة: أن يبدأ من رؤوس أصابع القدم، فيضع يديه مفرَّجتي الأصابع قليلًا، ثم يمرّهما خطوطًا على مشطي قدميه إلى ساقيه.
ولو بدأ من الساق أو مسح عرضًا صح ولكن خالف السنة.
(١) أبو داود: ج ١ / كتاب الطهارة باب ٦٣/١٦٢.
نواقض المسح على الخفين:
-١ - كل ما ينقض الوضوء ينقض المسح، وفي هذه الحالة يتوضأ ويمسح إذا كانت المدة باقية.
-٢ - نزعهما، فإذا نزع أحد الخفين انتقض المسح ولزمه نزع الآخر وغسل رجليه.
-٣ - إصابة الماء أكثر إحدى القدمين.
-٤ - انقضاء المدة.
وفي الحالات الثلاث الأخيرة لا يجب عليه الوضوء بل يكفي غسل القدمين.
ملاحظة: لا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة والقفازين قياسًا على الخفين، لأن المسح على الخفين ثبت على خلاف القياس، وما ثبت على خلاف القياس فغيره عليه لا يقاس.
المسح على الجوربين:
دليله: ما روى المغيرة بن شعبة ﵁ (أن رسول الله ﷺ توضأ ومسح على الجوربين والنعلين) (١) .
ويشترط لجواز المسح على الجوربين أن يكونا منعلَّين أو مجلَّدين بالاتفاق بين أئمة الحنفية.
أما إذا كانا غير منعلين ولا مجلدين فيجوز المسح عليهما عند الصاحبين (٢) إذا كانا صفيقين (٣) ثخينين لا يشفّان الماء، ويمكن متابعة المشي فيهما، فإن كانا رقيقين يشفّان الماء فلا يجوز المسح عليهما بالاتفاق.
(١) أبو داود: ج ١ / كتاب الطهارة باب ٦١/١٥٩. (٢) وإلى قولهما رجع الإمام أبو حنيفة وعليه الفتوى. (٣) الصَّفيق: المتين: ونقول: ثوب صفيق أي كثيف نسجُه.
المسح على الجبيرة:
الجبيرة: هي كل شُدَّ على جرح أو كسر بخرقة أو خشب أو غيرها.
وكل من لا يستطيع غسل العضو أو مسحه ولو مرة واحدة جاز له المسح على الجبيرة. ودليله: ما روي عن علي ﵁ قال: انكسرت إحدى زَنْدَيَّ فسألت النبي ﷺ (فأمرني أن أمسح على الجبائر) (١) .
وقال الفقهاء: إن الحرج فيها فوق الحرج في نزع الخف فكانت أولى بشرع المسح.
حكمه: قيل هو فرض بدلًا من غسل العضو المريض أو مسحه، لما روى ثوبان ﵁ قال: بعث رسول الله ﷺ سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله ﷺ أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتّساخين) (٢) ولحديث علي ﵁ المتقدم. ولا يجب فيه استيعاب. وقال الإمام: إن المسح على الجبيرة واجب لأن العذر أسقط فرضية الغسل عن العضو المصاب، وقد ثبتت فرضية غسل الصحيح بأمر قطعي فلا يخُصُّ بالظني الذي هو حديث رسول الله ﷺ (فيكون المسح على الجبيرة فرضًا عمليًا لثبوته بظني. وهذا قولهما وإليه رجع الإمام وعليه الفتوى) . ولو ضره المسح على الجرح تركه دفعًا للحرج لأن الغسل سقط بالعذر فالمسح أولى، وليس عليه إعادة صلاة ولو كان الجرح بأعضاء التيمم.
فروق بين المسح على الخفين والمسح على الجبائر:
-١ - لا يشترط في الجبيرة وضعها على طهارة.
-٢ - لا يتقيد المسح على الجبيرة بمدة.
-٣ - يجوز مسح الجبيرة عن رِجْل وغسل الأخرى.
-٤ - لا يسقط حكم المسح بسقوط الجبيرة إلا أن تسقط عن بُرْء، فلو سقطت عن برء أثناء الصلاة بطلت.
-٥ - الجنابة والحدث سواء في حق الجبيرة بخلاف المسح على الخفين.
-٦ - المسح على الجبيرة مشروط بالعجز عن مسح الموضع ذاته أو غسله، ولا يشترط هذا في الخفين.
-٧ - لا تُمسح العصابة السفلى إذا نُزعت العليا، ولا يبطل مسحها بابتلال ما تحتها، ويجوز تبديلها بغيرها بعد مسحها ولا يجب إعادة المسح عليها.
ويضاف إلى الجبيرة المسافات حول الرباط إن ضرَّ حلُّه.
ويقاس على الجبيرة كل موضع فيه دواء على جرح يتعذر بلّه، وكذلك العين لو رمدت وضرَّ بلُّها مسح عليها.
(١) ابن ماجة: ج ١ / كتاب الطهارة باب ١٣٤/٦٥٧. (٢) أبو داود: ج ١ / كتاب الطهارة باب ٥٧/١٤٦، والتّساخين: الخفاف ولا واحد لها.
1 / 46