وتنفعل صورتك في خيالي بهذا الألم وتنطقه ملامحك، وأتلوى أنا من العذاب وتزأر كل حشاياي تمنع عنك الألم وتناديك وتستعطفك، أنت الذي طالما تأملتك وتأملت خلجات حماسك وأحببتك وآمنت بك، أنت الإنسان الكبير الذي يخدم أكبر قضية تعبر لي عن عواطفك التي طالما انتظرتها وتحرقت شوقا إليها، وأركلك هكذا!
أنا ولو أني فتاة إلا أني نادرا ما أبكي، ولقد بكيت وأحببتك وأنا أبكي، وهفوت إليك وإلى غزارة ذقنك وشعرك المنكوش ودمك ولحمك وسرحانك ونظارتك الحبيبة الملحومة، وحتى فانلتك التي تبدو فتحتها بالية من بيجامتك، أحببتك وهفوت إليك، وتصورت أني ممكن أني أموت أو يمثل بي أو أجر، أما لا يمكن أن أتصور ألا أذهب إليك أو أراك.
وأنا على يقين أني حين أدق الباب سوف تفتح لي باسما، لا لأنك تحبني وكدت تفاتحني، ولكن لأن الإنسان الذي فيك أوعى من أن يرفض خطئي، ولأن قلبك كبير لا يصد طارقا حتى لو كان الطارق أنا.
13
ووضع حمزة الخطاب بجانبه وعقد وجهه فبدت فيه مأساة، والتفت لفوزية وقد أتعبها التحديق في أدق ملامحه لترى فيها انفعالاته بما يقرأ، حريصة على أن تخفي تحديقها ذاك، رفع حمزة رأسه والتفت إليها وسكت، ولم تجرؤ هي الأخرى على النطق، وقال أخيرا في كلمات بطيئة والمأساة لا تزال في وجهه: تعرفي انتي تستاهلي ايه على الجواب ده؟
فقالت فوزية في اضطراب: إيه؟
وقام حمزة فجأة واحتضنها وقبلها ثم قال: تستاهلي أكتر من كده. - لا، اسمع يا حمزة ما تخليش الحكاية تنقلب هزار. - بقى ده هزار؟ أنا فعلا مبسوط من الجواب. - مبسوط ليه؟ - تفتكري لما تعرفي بعض أخطائك وتحاولي تصلحيها مش يبقى حاجة تبسط؟ - بس، دي أخطاء كبيرة. - الأكبر منها هو إنك عرفتيها. - وأنا ماكنتش مؤمنة بقضيتنا! - مافيش حاجة اسمها ماكنتش مؤمنة يا فوزية، إنت كنتي دايما بتتحركي تجاهها وده هو المهم، فاهماني ازاي؟ الدافع باستمرار بيبقى مختلف عند الناس بس ما دام الهدف سليم خلاص، دايما الهدف هو اللي بيطور الدافع. - أنا ما أخبيش عليك كلامك بيبسطني، بس خايفة تكون بتقوللي كده عشان يعني العلاقة اللي بيننا. - فعلا لولا واثق منك، وإنك حتمشي وإني حساعدك وإنك حتساعديني، كنت ممكن تعتبري كلامي تبرير، بس. - بس ايه؟ - المسألة مش بتاعة يوم، انتي اتغيرتي وكل يوم حتتغيري، وأخذ القرارات شيء وتنفيذها شيء تاني، فاهماني ازاي؟
كل أما حتخطي خطوة لقدام حتثقي في نفسك أكثر وتخطي أسرع. - أنا مستغربة أنت واخد الحكاية بالبساطة دي ازاي! أنت قريت الجواب؟ وفهمته كويس؟ - الظاهر إنك كنتي متوقعة أضربك مثلا عشان يبقى الموقف درامي قوي، انتي نسيتي حاجات كثير وحملتي نفسك كل الخطأ، نسيتي أن فترة نشاطك كانت فترة إقبال من كل الناس على المساهمة في القضية، وأن الفترة اللي بدأت فيها اللي بتسميه مغامرة كانت فترة إرهاب، يعني الفترة اللي بتظهر فيها الانحرافات والمغامرات. - بس أنت مثلا ... - إنتي واخدة عني فكرة مثالية قوي، أنا مش بطل ولا كلام من ده، فاهماني ازاي؟ أنا من دم ولحم وعندي نفس المشاكل الجنسية والنفسية اللي عند كل الشبان اللي زيي.
وأنا برضه لما اتصلتي بيه كنت مبسوط لأني حاشتغل مع واحدة حلوة زيك، وبرضه لما ابتديت أعجب بك وأدخل في الغميق كنت فاهم أن فيه تعارض؛ أنا إنسان زيك تمام. - يعني واثق فيه يا حمزة؟ - أهي دي مسألة فيها نظر.
وضحك، واغتصبت فوزية ضحكة وسألته: يعني لسه بتحبني؟ - على فكرة أنا مش مؤمن بمبدأ السؤال ده. - ليه؟ - دا سؤال لفظي، احنا بنحس الحب زي ما بنحس الخوف والفرح والكره؛ فعشان تعرفي إذا كنت لسه بحبك واللا لأ اسألي نفسك. - وإذا سألتها وقالت: إنك بطلت؟ - ابقي في الوقت ده اقرصيها في ودانها وقولي لها تبطل كدب. - إنت رايق. - يعني لازم أعيط عشان أثبت لك؟ - لأ، عايزاك تقول الحق. - يعني عايزة أكدب عشان أقول «الحق» اللي انتي عايزاه؟ أنا ما أقدرش أقول إلا الحق.
صفحة غير معروفة