وناوله الجريدة وانكب عليها حمزة من فوره، بينما كان بدير يخلع ملابسه ويقول: ياخويا الجدع ده بيقول إنه مختفي وبيعرف النسوان دي ازاي؟ والواحد زي الشحط وما يعرفشي يكلم مرة، قسمتنا كده يا سي بدير، نصيبنا كده، بت حلوة عاجبها في حمزة ايه مش عارف؟ على إيه بتلومني، بتلومني ليه، ياما قلبي شكا ياما دمعي بكا، ما رحمتنيش ليه؟
6
وفي الساعة السادسة والنصف صباحا استيقظ حمزة فجأة منتفضا وكأنما قد حدثت أهوال أثناء نومه، وعرف بعد ثوان أن الذي أيقظه هو جرس الباب الخارجي الذي كان يدق دقا متواصلا.
وفي الثواني التالية استعاد وعيه وأصبح على استعداد لمجابهة الخطر، وهز كتلة الشحم واللحم التي تكون الأستاذ بدير الراقد بجانبه محاولا إيقاظه ولكن عبثا ما كان يحاوله، فما كان يظفر على تنبيهه لبدير أن الباب يدق إلا بغمغمات وتوهات، وأخيرا قال بدير وهو بين اليقظة والمنام: دا لازم، بتاع اللبن الله يخرب بيته، روح افتحله.
وقام حمزة وهو نصف مكذب متوقعا أن يجد بدل زجاجة اللبن فوهة مسدس، وفتح «شراعة» الباب، ومرة واحدة فوجئ بفوزية واقفة وفي وجهها قلق كثير، وفتح الباب في الحال فقالت في همس سريع خطير: اسمع. - إيه؟ - حسن اتقبض عليه. - اتمسك؟ - أيوه. - إزاي؟ مش معقول!، طيب ادخلي الأول، ادخلي، مش معقول! قولي لي بالظبط إيه اللي حصل؟ - رحت لقيت واقف قريب من البيت راجل باين عليه كده ... أهو ماعجبتيش شكله والسلام، فشكيت وما رحتش على البيت، رحت على قهوة في الحارة كانت لسه بتفتح وسألت عليه الجرسون وقلت له إني قريبته، فبص ليه كده واستغرب وخاف مني شوية، وبعدين حكيت له حكاية طويلة كده فقال لي إنهم راحوا له البيت من يومين وخدوه، فركبت تاكسي وجيت على طول. - جيتي على طول؟ - لأ، نزلت من التاكسي في الميدان وجيت ماشية لحد هنا.
وسكت حمزة ولم يتكلم فقد راح يهز رأسه بين الحين والحين وهو يردد: غريبة، غريبة.
ثم التفت إليها قائلا: رحتي له إمتى؟ - دلوقت. - دلوقت؟ - أيوه، ما أنا قلت اروح بدري قوي أضمن وأحسن.
وابتسم حمزة رغم ما به وقد أعجبه منها ما قالت ثم قال: طيب حصل خير، استني شوية.
وغاب لحظة في حجرة المكتب ثم عاد ومعه ورقة صغيرة وقال: اطلبي النمرة دي، وإذا ردت قولي له إني عايز أقابله. - طيب. - ضروري النهارده. - ضروري.
وجاءهم صوت بدير من غرفة النوم: إيه يا حمزة؟ مين؟
صفحة غير معروفة