ليس فينا من يستطيع أن يحدق إلى الشمس دقيقة، إنما نحن أبناء الليل تطربنا موسيقى الزوابع وترجفنا الصواعق ولا تخيفنا، إننا نرقب وجه الصباح لننام في الضحى كصاحبة امرئ القيس رحمها الله.
اليوم قرعت باب رئيس الجمهورية، كما قرأت أو تقرأ في صوت الأحرار، أتقول إنه يصرفني؟ لا تنس يا فؤاد أن مارون لا ينصرف، والرئيس غير شاعر، عفوا الرئيس شاعر أعمال، والصرف وعدمه بضاعة كلام، فسترى أن رجائي لن يخيب، وقد رفعت إليه الآن كتابا خاصا، أحسن الله الجواب والمآب.
أصافحك مشتاقا إلى أحماضك الحبيشية التي تغني عن «معكرونكم»، فأسأل الستار أن يكشف عني هذه الكربة، وينبت المرعى فلا تبقى حزازات النفوس كما هي.
أخوكم مارون
ولبراءة الذمة أقول للقارئ الكريم إنه لم يتحقق شيء من آمالي. (8) خطبة بشري
جئت وفي نيتي ألا أتكلم، ولكنني فعلت إذ بلغني، والعهد على المخبرين أنكم سيدات وسادات، مشتاقون جدا إلى طلعتي البهية، أشكركم جدا، فقد جبرتم خاطري المكسور، وفهمتموني أن الله لا يبلو حتى يعين، فهو إن تكرم علي ببطن كافوري يتقدمني بلا حياء إلى كل محضر، فقد رزقني من يقبلني على علاتي.
سيداتي وساداتي
لست اليوم خطيبا، ولكنني محش، أعلق على الهوامش، وبكلمة أبرع: رجل يقطع من كل واد عصا، فانعتوه ما شئتم.
جئنا لتعظيم جبران ولا بد لكل زعيم في الدنيا والدين من ناس تؤيده، فحاكم لا تشد ظهره رعية لا يهابه الناس وأمره يكون رخوا، وقديس لا يطلب شفاعته أحد ولا تقرع له صدور العجائز يعيش بلا شأن في عالم الإيمان، فالقديس برلام مثلا، زبائنه قلائل جدا، ولا يعرف أحد باب بيته مع أنه اختصاصي بحب الصبا والنمش، وله رأي مفيد يشفي من المغص، وإن قلتم: من أين جئت بهذا القديس الذي لم يسمع به حتى الخوارنة العتاق منا؟ أقول لكم: راجعوا السنكسار فاسمه مدرج فيه كبقية الآباء القديسين.
إذن لا بد من تعظيم جبران، وتمجيد أورفليس مدينة المصطفى، فهنا أروع أودية الدنيا، كان وادي الحبساء والقديسين، وصار اليوم وادي النوابغ وأبطال الدنيا والدين.
صفحة غير معروفة