لم يخرج سعيد من قمعه حين وضع شخوص مسرحياته، ففي نخب العدو، ولولا المحامي، والمنبوذ، قد لا يكون تجاوز خراج بعقلين كما لم يتجاوز محيط بيروت في حفنة ريح.
أما خواص سعيد العامة فهي أنه غير كلاسيكي، مبدع في التعابير الخاصة، خلق قصصا، يتعمد النكتة ويحبها موجعة مرة، وتعمده إياها أحيانا يفقدها الخفة المطلوبة، لا تعرف هزله من جده، فهو في الأدب عتليت، كما عبر هو، وعتعيت كما نعبر نحن في منطقتنا. (6) وحي الحرمان: ديوان الأمير عبد الله الفيصل «يا صاحب السمو الملكي، ويا معالي الوزير الخطير
أيها البطل ابن البطل، يا حفيد أسد الجزيرة
يا طويل العمر»
أما وقد دعتك آلهة الفن إلى دخول هيكلها المقدس، فاسمح لنا أن نضع جانبا ألقابك الزمنية، وثيابك القصبية المزركشة، وخنجرك الذهبي المرصع، وسيفك العدناني الموروث من أيام حليمة، ونلبسك الثوب الذي زركشته أصابع الآلهة العلوية لتخلعه عليك في هيكل قدسها.
اسمح لي أن أخاطبك، بعد الآن - في هذا المقام فقط - باسمك «حاف»، غير محوط بجيوش جرارة من الألقاب الأميرية الملوكية، أنت آثرت أن تكون أمير بيان فكنت، لقد شرفت الشعر بعد ما تأبى عليه الأشراف القدماء، وقالوا في خليفة يوم وليلة: أدركته حرفة الأدب، وبهم تشبه العلماء والفقهاء، حتى قال أبو حنيفة:
ولولا الشعر بالعلماء يزري
لكنت اليوم أشعر من لبيد
لقد استحققت بتشريفك ساحتنا أجمل الترحيب منا، فاسمح لي إذن أن أخاطبك بشاعر الأمراء، وأسلم عليك بهذه الإمارة الأدبية.
كانوا فيما مضى يقولون ذو الوزارتين، فأي بأس علينا إذا ما قلنا: ذو الإمارتين؟ إن إمارتك الجديدة هبة من الله كإمارتك القديمة، والله يعطي من يشاء بغير حساب.
صفحة غير معروفة