الناس إذا نزل رسول الله ﷺ منزلًا تفرقوا في الشعاب والأودية، فقال رسول الله ﷺ: «إن تفرقكم في هذه الشعاب والأودية إنما ذلكم من الشيطان». فلم ينزل بعد ذلك منزلًا إلا انضم بعضهم إلى بعض حتى يقال: لو بُسط عليهم ثوب لعمهم. رواه أبو داود وأحمد والنسائي/ صحيح أبو داود ٢٦٢٨.
أخي المسلم: كم في هذا الأدب من معان عظيمة، ولو أن الناس امتثلوا بمثل هذه الآداب لحصدوا المنافع والمصالح الكثيرة، أما رأيت أخي كم من كارثة تحدث أحيانًا بقوم مسافرين نزلوا في مكان ثم تفرقوا؟ ! فجنوا من ذلك الأضرار البليغة.
١١
أدب النزول في السفر
أخي في الله: وهذا أدب آخر نُهديكه من شجرة النبوة المثمرة بأنواع الثِّمار اليانعة، علَّمه النبي ﷺ أصحابه الأكارم ﵃، عندما قال ﷺ: «إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير، وإذا عرستم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها مأوى الهوام بالليل». رواه مسلم.
قال الإمام النووي: (وهذا أدب من آداب السير والنزول أرشد إليه ﷺ؛ لأن الحشرات ودواب الأرض من ذوات السُّموم والسِّباع تمشي في الليل على الطرق لسهولتها، ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه وما تجد فيها من رمة ونحوها، فإذا عرَّس الإنسان في الطريق ربما مر به منها ما يؤذيه فينبغي أن يتباعد عن الطريق) (١).
_________
(١) شرح مسلم ٧/ ٧٨ - ٧٩.
1 / 16