ولكائن أكثر خلودا مع زواله،
وأكثر أبدية مع تضاؤله،
من المعبود في علاه.
وسمع ويل للباب صريرا، وبعد لحظة استمع إلى وقع خطوات خفيفة وإلى خشخشة ثياب، ثم أحس يدا فوق كتفه وسمع صوت امرأة، منخفضا موسيقيا ، يسأله عن حالته.
وأجاب دون أن يفتح عينيه: حالتي سيئة.
ولم ينم صوته عن الأسى على حاله، أو على طلب الحنان؛ ولا يحس السامع فيه إلا غضب الرواقي من الأمر الواقع، وكأنه رجل سئم أخيرا مهزلة الكتمان فأفصح مستاء عن الحقيقة. - حالتي سيئة.
وامتدت إليه اليد مرة أخرى، واستمع إلى صوت يقول: أنا سوزيلا ماك فيل أم ماري ساروجيني.
وأدار ويل رأسه وفتح عينيه على مضض. وإذا بصورة مكبرة لماري ساروجيني أشد منها سمرة تجلس إلى جوار سريره تبتسم له في قلق ينم عن المودة، ولو أنه بادلها ابتسامة بابتسامة لكان ذلك عليه جهدا كبيرا، فاكتفى بقوله: كيف حالك؟ ثم شد ملاءة السرير قليلا إلى أعلى وأغمض عينيه مرة أخرى.
ونظرت إليه سوزيلا في صمت، نظرت إلى الكتفين برزت عظامهما، وإلى القفص الصدري المختفي تحت بشرة شحوبها النوردي جعله يبدو في عينيها البالانيتين ضعيفا بدرجة عجيبة عرضة للأمراض، ونظرت إلى وجهه الذي لفحته الشمس وقد تحددت ملامحه كأنه تمثال منحوت لا يرى إلا على مبعدة؛ وهو مع ذلك شديد الحساسية وقد أصابته رعشة جعلتها - أكثر من وجهه العاري - تراه وكأنه رجل سلخ جلده وترك لآلامه.
وأخيرا قالت له: سمعت أنك من إنجلترا.
صفحة غير معروفة