وكان الهجوم الأول على الجبهة اليسرى، وقد نفذ العدو فعلا إلى داخل الاستحكام قبل أن يراهم أحد، أما الضابط الروسي الذي قاد هذا الهجوم وقتل ملازما من الطوبجية فقد لقي مصرعه في الحال بضربة من قضيب أصابته في المخ، ثم احتدمت نار القتال احتداما شديدا، وانتهت برد العدو ودفعه إلى النزول في الخندق، وتحمله خسارة كبيرة بفعل الرصاص والكور المفرقعة التي مزقتهم تمزيقا، وبعد ذلك رتبوا صفوفهم وحاولوا الهجوم على نفس المكان بقيادة باهرة على أصوات الطبول، ولكنهم دحروا وارتدوا، وقد قتل منهم كثيرون، وبعد ربع ساعة قاموا بهجوم ثالث وكان في هذه المرة على الجبهة اليسرى والجبهة الأمامية في آن واحد، ولكنهم قوبلوا بنفس المقاومة الشديدة التي عهدوها من قبل، وبعد معركة دموية ارتد الروس نهائيا وتبعهم الألبانيون الى داخل بطارياتهم، وكانت القوة التي في طابية العرب في ذلك الوقت مؤلفة من أربع أورط من المصريين وخمسمائة من الجنود الألبانيين بقيادة حسين بك، وأقل تقدير للقوة التي هاجم بها العدو هو تسع أورط، وإذا حكمنا حسب العدد الذي وجد من الموتى في داخل الحصن وحوله أمكن تقدير قوته بأكثر من ذلك كثيرا، وقد استمر القتال من منتصف الليل إلى ما بعد طلوع النهار، وهو من الحوادث الممتازة التي حدثت أثناء الحصار كله، وقد بلغ عدد القتلى 68 والجرحى 121، وكثير من الضباط بين الأولين، ويمكن أن تقدر خسارة العدو بألفي قتيل وجريح، وإن كان الذين قد نقلوا جثث الموتى صرحوا بأن عدد القتلى وحدهم كان يزيد عن هذا التقدير، وعلى هذا إذا حسبنا عدد الجرحى بأقل ما يمكن فإن خسائرهم تزيد عن 6000 نفس. ا.ه.
وقد ذكر الضابط الإنكليزي ناسميث المذكور وصف هذه الوقائع بإيجاز في كتابه (تاريخ حرب روسيا وتركيا ص197)
History of the war in Russia & Turkey P, 197.
وفي ليلة 30 مايو خرج القائد موسى باشا عقب ما تلقى الإمدادات من السردار إكرام عمر باشا في شملا، وهاجم جناح الروس الأيمن، وكان وقتئذ مؤلفا من ثماني فرق مجتمعة أمام سلستره تحت إمرة المارشال باسيكفتش، وخال الجنرال الروسي سلفان قائد الفرقة الثامنة أن هذا الخروج أدى إلى إخلاء طابية العرب؛ فأسرع هو نفسه مصحوبا بثلاث أورط بيادة ليحمل عليها ويأخذها عنوة، وذلك بعد أن أمر الجنرال بوبوف
أن يلحق به مصحوبا بأربع أورط أخرى لمعاونته.
وفي هذه المرة اجتاز أيضا الروس الخندق، وبدأت تتكرر مرة أخرى حوادث 28 منه، وجرح الجنرال أورلوف
Orlof
ياور الإمبراطور نقولا لدى تسلقه الجزء المنحدر من الساتر، وكان يتقدم صفوف المهاجمين، ولم تمنع وعورة هذا الحصن هجمات الجيوش الروسية، فتقدم عدد من الضباط والجنود وتسلقوا ساتر الحصن ودخلوا الحصن نفسه من الفتحات المعدة للمدافع، فحملت عليهم الحامية وكانت لم تزل مصرية، وقاتلتهم جسما لجسم حتى طردتهم وأخرجتهم من نفس تلك الفتحات التي كان يتوهم الروس من برهة أنها باب نصرتهم.
وبعد أن قاتل الروس قتال المستيئس زهاء أربع ساعات أكرهوا على الانسحاب، وخرج المصريون خلفهم وتعقبوهم وضايقوهم كثيرا، وحملوهم خسائر فادحة، وجرح الجنرال سلفان
Selvane
صفحة غير معروفة