وأما بنو مالك وأهل فيفا فما لهم مذهب ولا يعرفون شيئا من أمر الإسلام ويزعمون أنهم مسلمون، وقد تقدم ترقيد نسائهم مع الضيوف، وأما عقد النكاح فلا يعرفونه بل إذا علقت نفس أحدهم بمرأة اختلف إليها في البيوت والمراعي ظاهرا، ثم كذلك حتى تحبه ويحبها ثم يكلم أهلها أنه راغب إليها فيدخل ويخرج ويبيت عندها إلى أن تصيير حبلى منه ثم يشترطون [73/ب] عليه ما شاؤا من بقر أو غيرها ولا عقد غير ذلك. فتجهز من صعدة المحروسة بالله في سنة خمسة وثلاثين وألف وقد جمع عسكرا كثيرا أقله من اليمن وغالبه من بلاد صعدة، وصحبه عيون كالسيد الأكمل شمس الدين أحمد بن المهدي(1) وغيره حتى انتهى إلى بوصان من بلاد بني جماعة(2) وأعلى من بني خولي وبلاد تسنم(3)، وهو جبل عال مشرف على بلاد قيفا وبينهما يوم للبريد المسرع ويومان لغيره، ثم غزا من بينه وبين تلك البلاد حتى صلحوا ووصلوا إليه وأخذ رهائنهم وأحسن إليهم وأعطاهم ما لا يعرفونه من غيره حتى صلحوا. ثم أرسل المحاط مع عدة من أصحابه كالسيد عز الدين محمد بن أحمد بن أمير المؤمنين(4)، والشيخ المجاهد علي بن شمسان(5) وغيرهم والسيد المجاهد يحيى بن لطف الباري وغيرهم، وجعل السيد المقام أحمد بن المهدي ومن لديه قريبا منهم فلا زالوا حتى فتحوا البلاد المذكورة عنوة. وقد قتلوا منهم كثيرا ولا يعرفون البنادق فكانوا إذا أصيب أحدهم برصاصة(6) سدوا موضع الرصاصة بالحجر والعود إذا لم يجدوا الخرقة، ولما استقرت العسكر في أعلى جبالها في حصنها المعروف بالعنسية(7)، أخذوا منهم الحقوق والمعاون وما وجهه عليهم وجل دراهمهم المصري(8)، ولهم أسواق وبلاد تتصل بتهامة فحصل منهم أموال كثيرة وحقوق واسعة، وفيها غدروا بالعسكر المنصور وقتلوا جماعة نحو الثلاثين النفر وقتل منهم كثير. ثم أخذت رهائنهم وبقي -رضوان الله عليه- في هذا الموضع واجتمع له أمداد كثيرة حتى عاد إلى صعدة المحروسة بالله.
صفحة ١٨٨